قَالَ: وَقَدْ شُهِرَ الْمُتَعَاشِرُونَ عَلَى الشَّرَابِ بِسُوءِ الْعَهْدِ وَقِلَّةِ الْحِفَاظِ وَأَنَّهُمْ صَدِيقُكَ مَا اسْتَغْنَيْتَ حَتَّى تَفْتَقِرَ وَمَا عُوفِيتَ حَتَّى تُنْكَبَ وَمَا غَلَتْ دِنَانُكَ حَتَّى تُنْزَفَ وَمَا رَأَوْكَ بِعُيُونِهِمْ حَتَّى يَفْقِدُوكَ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَرَى كُلَّ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ حَرِيمَهُمْ ... وَلَيْسَ لِأَصْحَابِ النَّبِيذِ حَرِيمُ
إِذَا جِئْتَهُمْ حَيَّوْكَ أَلْفًا وَرَحَّبُوا ... وَإِنْ غِبْتَ عَنْهُمْ سَاعَةً فذميم
اخاؤهم ما دارت الْكَأْسُ بَيْنَهُمُ ... وَكلُّهُمُ رَثُّ الْوِصَالِ سؤوم
فهذا ثباتي لم أقل بجهالة ... ولكني بِالْفَاسِقِينَ عَلِيمُ
وَقَالَ آخَرُ:
بَلَوْتُ النبيذين في بَلْدَةٍ ... فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ النَّبِيذِ حِفَاظُ
إِذَا أَخَذُوهَا ثَمَّ أَغَنوْكَ بِالْمُنَى ... وأن فقدوها فالوجوه غلاظ
مواعيد ريح لمن يعدونه ... بها بَرْدَ الشِّتَاءِ وَقَاظُوا
بِطَانٌ إِذَا مَا اللَّيْلُ أَلْقَى رِوَاقَهُ ... وَقَدْ أخذوها فالبطون كظاظ
يراغ إِذَا مَا كَانَ يَوْمَ كَرِيهَةٍ ... وَأُسْدٌ إِذَا أَكْلُ الثَّرِيدِ فِظَاظُ