لَقِيتُ الْغُولَ تَسْرِي فِي ظَلَامٍ ... بِسَهْبٍ كَالْعَبَاءَةِ صَحْصَحَانِ
فَقُلْتُ لَهَا: كِلَانَا نِقْضُ أَرْضٍ ... أَخُو سَفَرٍ فَصُدِّي عَنْ مَكَانِي
فَصَدَّتْ، فَانْتَحَيْتُ لَهَا بِعَضْبٍ ... حُسَامٍ غَيْرِ مُؤْتَشَبٍ، يَمَانِ
قَدَدْتُ سَرَاتَهَا وَالْبَرْكَ مِنْهَا ... فَخَرَّتْ لِلْيَدَيْنِ وَلِلْجِرَانِ
فَقَالَتْ: زِدْ فَقُلْتُ: رُوَيْدَ إِنِّي ... عَلَى أَمْثَالِهَا ثَبْتُ الْجَنَانِ
شَدَدْتُ عِقَالَهَا وَحَلَلْتُ عَنْهَا ... لَأَنْظُرَ غُدْوَةً مَاذَا أَتَانِي
إِذَا عَيْنَانِ فِي وَجْهٍ قَبِيحٍ ... كَوَجْهِ الْهِرِّ مُسْتَرِقِ اللِّسَانِ
وَرِجْلَا مُخْدَجٍ وَسَرَاةُ كَلْبٍ ... وَثَوْبٌ مِنْ فِرَاءٍ أَوْ شِنَانِ
وَالَّذِي أَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي بِقَوْلِهِ «لَا غُولَ» ، مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ فِي الْغُولِ مِنْ أَنَّهَا تَضُرُّ وَتَنْفَعُ، أَوْ تَقْدِرُ لِبَنِي آدَمَ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِمَنْ سَبَقَ لَهُ بِضَرِّهَا إِيَّاهُ، فَأَمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا، مَعَ سَائِرِ مَا ذَكَرَ مِمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤْمِنُ بِهِ وَتُصَدِّقُ بِضُرِّهِ وَنَفْعِهِ، مِنَ الْعَدْوَى وَالصَّفَرِ وَالطِّيَرَةِ