وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ , يَقُولُ: الْإِفَاضَةُ الدَّفْعَةُ , وَيَقُولُ: «كُلُّ دَفْعَةٍ إِفَاضَةٌ» , وَمِنْهُ قِيلَ: أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي الْحَدِيثِ , إِذَا دَفَعُوا فِيهِ , وَأَفَاضَ الْقَوْمُ بِالْقِدَاحِ , إِذَا دَفَعُوا بِهَا , وَلِلْبَعِيرِ إِذَا دَفَعَ جَرَّتَهُ: أَفَاضَ يُفِيضُ إِفَاضَةً , وَأَفَاضَ دَمْعَهُ فَهُوَ يُفِيضُهُ , فَأَمَّا إِذَا سَالَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ , فَإِنَّهُ يُقَالُ: فَاضَتْ عَيْنُ فُلَانٍ بِالدُّمُوعِ , وَفَاضَتْ دُمُوعُ عَيْنِهِ , كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ:
البحر الكامل
وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى الْمَنَازِلِ بِاللِّوَى ... فَاضَتْ دُمُوعُكَ غَيْرَ ذَاتِ نِظَامٍ
وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْإِنَاءِ إِذَا امْتَلَأَ حَتَّى سَالَ مَا فِيهِ: «فَاضَ الْإِنَاءُ» , وَمِنْهُ فَيْضُ الْبَصْرَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْنُونَ بِقَوْلِهِمْ: أَشْرِقْ , أَضِئْ يُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا أَضَاءَتْ وَصَفَا ضَوْءُهَا: " أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ فَهِيَ تُشْرِقَ إِشْرَاقًا , فَأَمَّا إِذَا طَلُعَتْ فَإِنَّهُ يُقَالُ: شَرَقَتْ تَشْرُقُ شُرُوقًا , وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصْفُوَ ضَوْءُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَرِقَتْ , بِكَسْرِ الرَّاءِ , فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ , وَذَلِكَ اخْتِلَاطُ الْكُدُورَةِ بِهَا , وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
البحر الطويل
وَتَشْرَقَ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْتَهُ ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ