فَقَالَ النُّعْمَانُ: إنْ شِئْتُمْ ضَرَبْتهمْ، فَإِنْ خَرَجَ مَتَاعُكُمْ فَذَاكَ، وإلا أخذت من ظهورهم مِثْلَهُ، فَقَالُوا: هَذَا حُكْمُك؟ قَالَ: هَذَا حُكْمُ اللَّهِ، وَحُكْمُ رَسُولِهِ، انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": أَحْسَنُ حَدِيثِ بَقِيَّةَ مَا كَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ أَنَّهُ عليه السلام أَخَّرَ إقَامَةَ الْحَدِّ، إلَى أَنْ تَمَّ الْإِقْرَارُ مِنْهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، قُلْت: أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"١ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَبْكِ جُنُونٌ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "فَهَلْ أُحْصِنْت؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ"، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ٢ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: رَأَيْت مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ جِيءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلٌ قَصِيرٌ أَعْضَلُ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ زَنَى، فَقَالَ عليه السلام، "فَلَعَلَّك كَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، إنَّهُ قَدْ زَنَى، قَالَ: فَرَجَمَهُ، ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: " أَلَا كُلَّمَا نَفَرْنَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ أَحَدُهُمْ، لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التيس، يمنح إحداهن الكبثة، أَمَا وَاَللَّهِ إنْ يُمَكِّنِّي من أحدهم لأنكلته"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا ٣ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: "أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْك؟ " قَالَ: وَمَا بَلَغَك عَنِّي؟ قَالَ: "بَلَغَنِي أَنَّك فَجَرْت بِأَمَةِ آلِ فُلَانٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَرَدَّهُ حَتَّى شَهِدَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا ٤ عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَقَالَ عليه السلام: "ارْجِعْ"، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَتَاهُ أَيْضًا فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَقَالَ لَهُ: "ارْجِعْ"، ثُمَّ عَادَ الثَّالِثَةَ، فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَ الرَّابِعَةَ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحُفِرَ لَهُ حُفْرَةٌ، فَجُعِلَ فِيهَا إلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهُ، قَالَ بُرَيْدَةَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَصْحَابَ نَبِيِّ اللَّهِ أَنَّ مَاعِزًا لَوْ جَلَسَ فِي رَحْلِهِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ
١ عند مسلم في "الحدود - باب حد الزنا" ص ٦٦ - ج ٢، وعند البخاري في "كتاب المحاربين - في باب سؤال الامام المقرّ، هل أحصنت" ص ١٠٠٨ - ج ٢.
٢ في "حد الزنا" ص ٦٦ - ج ٢.
٣ في "حد الزنا" ص ٦٧ - ج ٢.
٤ عند مسلم فيه: ص ٦٨ - ج ٢.