أَنَّ عُثْمَانَ أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الدَّارِ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِأَرْبَعٍ، فَذَكَرَهَا، وَذَكَرَ الرَّابِعَ: رجل عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا، لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مُوجَبِهِ مِنْ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ، وَهَدْمِ الْجِدَارِ، وَالتَّنْكِيسِ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ، قُلْت: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الْإِيمَانِ"١ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ دَاوُد بْنِ بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْعَرَبِ، يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَجَمَعَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةَ، فَسَأَلَهُمْ، فَكَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلًا عَلِيٌّ، قَالَ: هَذَا ذَنْبٌ لَمْ يَعْصِ بِهِ إلَّا أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، صَنَعَ اللَّهُ بِهَا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، نَرَى أَنْ نُحَرِّقَهُ بِالنَّارِ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الرِّدَّةِ - فِي آخِرِ رِدَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ" فَقَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: كَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أُخْبِرُك أَنِّي أُتِيت بِرَجُلٍ قَامَتْ عِنْدِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ يُوطَأُ فِي دُبُرِهِ، كَمَا تُوطَأُ الْمَرْأَةُ، فَدَعَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَشَارَهُمْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ: أَحْرِقْهُ بِالنَّارِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَأْنَفُ أَنَفًا لَا يَأْنَفُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: اجْلِدُوهُ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنْ حَرِّقْهُ بِالنَّارِ، فَحَرَّقَهُ خَالِدٌ، فَقَالَ القائل فيه شعراً:
فَمَا حَرَّقَ الصِّدِّيقُ جَدِّي وَلَا أَبِي ... إذَا الْمَرْءُ أَلْهَاهُ الْخَنَا عَنْ حَلَائِلِهِ
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا حَدُّ اللُّوطِيِّ؟ قَالَ: يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى مِنْهُ مُنَكَّسًا، ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ٢ ثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ بِهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ تُذْبَحُ الْبَهِيمَةُ وَتُحْرَقُ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ ٣ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ"، قَالَ: قُلْت لَهُ: مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ قَالَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ
١ أخرجه في "السنن الكبرى" عن يحيى بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي حازم، وقال الحافظ في "الدراية" قلت: وهو ضعيف جداً، ولو صح لكان قاطعاً للحجة، انتهى.
٢ قلت: أخرجه في "السنن الكبرى" ص ٢٣٢ - ج ٨، وسنده عن ابن أبي الدنيا عن محمد بن الصباح عن شريك عن القاسم بن الوليد عن علي.
٣ عند أبي داود في "الحدود - باب فيمن أتى بهيمة" ص ٢٥٧ - ج ٢، وعند ابن ماجه فيه: ص ١٨٧ - ج ٢، وعند الترمذي في "الحدود - باب ما جاء فيمن يقع على البهيمة" ص ١٨٨ - ج ١.