قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الشِّدَّةِ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ يَعْنِي النَّهْيَ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، قُلْت: الْمُرَادُ بِالشِّدَّةِ هُنَا الْقَحْطُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِنَبِيذِ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَإِنَّمَا كُرِهَا لِشِدَّةِ الْعَيْشِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، كَمَا كُرِهَ السَّمْنُ وَاللَّحْمُ، وَكَمَا كُرِهَ الْإِقْرَانُ، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رُدَيْحٍ١ ثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي ميمون عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَبِي طلحة أنهما كانا يشربا نَبِيذَ الزَّبِيبِ، وَالْبُسْرِ يَخْلِطَانِهِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا طَلْحَةَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا، قَالَ: إنَّمَا نَهَى عَنْ الْعَوَزِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، كَمَا نَهَى عَنْ الْإِقْرَانِ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ بِعُمَرَ بْنِ رُدَيْحٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ٢ عَنْ أَبِي بَحْرٍ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيِّ عَنْ عَتَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الحمااني، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلْنَاهَا عَنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ آخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ، فَأُلْقِيه فِي إنَاءٍ، فَأَمْرُسُهُ، ثُمَّ أَسْقِيه النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. والْبَكْرَاوِيُّ فِيهِ مَقَالٌ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ".
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خمر". تقدما أول الباب
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ عليه السلام: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ خَوَّاتُ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
فَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ٣ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَمْرٍو بِهِ.
١ عمر بن رديح عن عطاء بن أبي ميمون، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين: صالح الحديث، انتهى. وذكره ابن حبان في الثقات قلت: ووقع في النسخة التي رأيناها من الثقات دريح، بتقديم الدال، والصواب الأول، انتهى من اللسان ص ٣٠٦ ج ٤.
٢ عند أبي داود في الأشربة في باب ما جاء في الخليطين ص ١٦٥ ج ٢.
٣ عند ابن ماجه في الأشربة في باب ما أسكر كثيره فقليله حرام ص ٢٥١، وعند النسائي فيه في باب تحريم كل شراب أسكر كثيره ص ٣٢٦ ج ٢.