بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَضَى عُثْمَانُ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ بِهِ سَوَاءً، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَنَافِعٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عليه السلام: "دِيَةُ كُلِّ ذِي عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ" , قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ١ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دِيَةُ كُلِّ ذِي عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ" , انْتَهَى. وَوَقَفَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَلَى سَعِيدٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: دِيَةُ كُلِّ مُعَاهَدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ٢ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَى الْعَامِرِيَّيْنِ بِدِيَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ لَهُمَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، انْتَهَى. وَسَعِيدُ بْنُ مَرْزُبَانَ فِيهِ لِينٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُمْ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ٣ فِي الْحُدُودِ عَنْ أَبِي كُرْزٍ، قَالَ: سَمِعْت نَافِعًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَدَى ذِمِّيًّا دِيَةَ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَبُو كُرْزٍ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ غَيْرُهُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفِهْرِيُّ، انْتَهَى. وَأَعَادَهُ قَرِيبًا مِنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "دِيَةُ ذِمِّيٍّ دِيَةُ مُسْلِمٍ"، انْتَهَى.
١ قال صاحب الجوهر ص ١٠٣ ج ٨، وقد تأيد هذا المرسل بمرسلين صحيحين، وبعده أحاديث مسندة وإن كان فيهما كلام، وبمذاهب جماعة كثيرة من الصحابة، ومن بعدهم، فوجب أن يعمل به الشافعي، كما عرف من مذهبه، وفي التمهيد روى ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قضية بني قريظة، والنضير أنه عليه السلام جعل ديتهم سواء كاملة، وقد تقدم عن عثمان، وعلى موافقه هذه الأحاديث من وجوه عديدة، بعضها في غاية الصحة، كما قدمنا عن ابن حزم، وهو الذي دل عليه ظاهر كتاب الله تعالى، لأنه تعالى، قال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} ثم قال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ} ، والظاهر أن هذه الدية هي الدية الأولى، وكذا فهم جماعة من السلف، وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي، وعن الحكم، وحماد عن إبراهيم، قالا: دية اليهودي، والنصراني، والحربي المعاهد، مثل دية المسلم، ونساؤهم على النصف من دية الرجال، وأخرج هو عن أيوب عن الزهري سمعته يقول: دية المعاهد دية المسلم، وتلا الآية السابقة، وهذا السند في غاية الصحة انتهى.
٢ عند الترمذي في الديات ص ١٨١ ج ١، وعند الدارقطني في الحدود ص ٣٦٠.
٣ عند الدارقطني في الحدود ص ٣٤٣، وص ٣٤٩.