وَلَمْ يُوَافَقْ التِّرْمِذِيُّ عَلَى تَصْحِيحِ حَدِيثِهِ فِي مَوْضِعٍ، وَتَحْسِينِهِ فِي آخَرَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ، والدارقطني: مَتْرُوكٌ، وَإِسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ أَيْضًا تَكَلَّمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْأَزْدِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَهْبَانَ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ"، قَالَ: "وَطَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ: الْبُرُّ، وَالتَّمْرُ، وَالزَّبِيبُ، وَالْأَقِطُ"، انْتَهَى. وَعُمَرُ بْنُ صَهْبَانَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا يُسَاوِي فَلْسًا، وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالرَّازِيِّ، والدارقطني: مَتْرُوكٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"١ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ: صَاعٌ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، انْتَهَى. وَالْحَارِثُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَقَالَا: الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي "عِلَلِهِ" بِتَمَامِهِ، وَفِي لَفْظَةِ أَيْضًا اخْتِلَافٌ، فَعِنْدَ الْحَاكِمِ هَكَذَا: صَاعٌ، وَفِي "سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ" أَوْ نِصْفُ صَاعٍ.
قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فِيهِمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ.
قُلْت: أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ٢، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ: مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، وَأَنَّ رَجُلًا أَدَّى إلَيْهِ صَاعًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٣، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ سُلْتٍ، أَوْ زَبِيبٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، وَكَثُرَتْ الْحِنْطَةُ جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ، مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ: إنَّمَا زَكَاتُك على سيدك، أن يؤدي عَنْك عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ، انْتَهَى.
١ الحاكم في "المستدرك" ص ١٤١ ج ١، والدارقطني: ص ٢٢٤، والبيهقي ص ١٦٦ ج ٤.
٢ البيهقي: ص ١٦٩ ج ٤، ولم يرده، وقال: منقطع، ورواه الطحاوي: ص ٣٢١، والدارقطني: ص ٢٢٥
٣ أبو داود في "باب كم يؤدي من صدقة الفطر" ص ٢٣٤, وقد تقدم عن قريب ولم أجد في النسائي ما يتعلق به, وأخرجه الدارقطني: ص٢٢٢.