عن أنسٍ قالَ: " كانَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذا سافرَ فأرادَ أن يَتطوَّعَ استَقبلَ بناقتِهِ بلة فكبّر، ثُمّ صلَّى حيثُ وجّههُ ركابهُ " (٧)، رواهُ أحمدُ، وأبو داود بإسْنادٍ غريبٍ.
عن ابنِ عباسٍ، قالَ: " أَخبرني أُسامةُ بنُ زَيْد: أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لمّا دخلَ البيتَ دعا في نَواحيهِ كلِّها، ولمْ يُصَلِّ فيهِ حتّى خرجَ، فلمّا خَرجَ ركعَ في قُبُلِ البيتِ العَتيقِ، وقال: هذهِ القبلةُ " (٨)، رواهُ مُسلمٌ. استُدِلَّ بهِ على أنّ الفَرضَ في القبلةِ إصابَةُ العينِ.
عن أبي هُريرة أنّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " ما بينَ المشرقِ والمَغربِ قبْلةَ " (٩)، رواهُ الترمِذِيُّ وصححه، وابنُ ماجَةَ، وفيه دلالةٌ للقولِ الآخرِ.
عن عامرِ بنِ رَبيعةَ: " كُنّا معَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في سفَرٍ في ليلةٍ مُظلمةٍ فلمْ نَدْرِ أين القبلةُ، فصلّى كلُّ رجلٍ منّا على حيالهِ، فلما أصبحْنا ذكرْنا ذلكَ للنبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فنَزَل: " فأيْنَما تُولّوا فثَمَّ وجْهُ اللهِ " (١٠)، رواهُ ابنُ ماجةَ، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَنٌ، ليس إسنادُهُ بذاكَ، لا نعرفُهُ إلاّ من حديثِ أشْعثَ بنِ سعيدٍ السَّمّانِ، وهو يُضعَّفُ في الحديث، قلتُ: أجمعوا على ضَعفِهِ، ومنهم مَنْ تركهُ وكذّبَهُ، وشيخُهُ عاصِمُ بنُ عُبَيْدِاللهِ العُمَرِيِّ أيضاً: ضَعيفٌ.
وعن جابرٍ، قال: " كُنّا معَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في سَفرٍ، فأصابنا غيمٌ فتحرّينا فاختَلَفْنا في القبلةِ، فصلّى كلٌّ منّا على حِدةٍ، وجعل أحدُنا يَخطُّ بينَ يديهِ لنعلمَ أمْكنتَنا، فذكَرْنا ذلكَ للنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فلمْ يأمرْنا بالإعادَةِ، وقالَ: قد أَجزَأتْ صَلاتُكمْ " (١١)، " رواهُ الدارَقُطنيُّ، وفي إسْنادِهِ محمدُ بن سالمٍ صاحبُ الشَّعبيِّ، وقيل: محمدُ بن عُبيْدِاللهِ العَزْرمِيُّ، وأيّاً ما كانَ فهو متروكٌ، فلو صحَّ لكانَ فيه دلالةٌ على أنَّ من اجتَهدَ في القبلةِ فَصلّى ثمَّ تَبيَّنَ الخَطأُ لا يُعيدُ.
(٧) رواه أحمد (الفتح الرباني ٣/ ١٢١)، وأبو داود (١٢٢٥).
(٨) رواه أحمد (الفتح الرباني ٣/ ١٢٠)، ومسلم (٢/ ٩٦٨).
(٩) رواه ابن ماجة (١٠١١)، والترمذي (٣٤٢)، والدارقطني (١/ ٢٧٠) عن ابن عمر.
(١٠) رواه ابن ماجة (١٠٢٠)، والترمذي (٢٩٥٧).
(١١) رواه الدارقطني (١/ ٢٧١).