عوفٍ، وأمرَ أبا بكر أن يُصلّيَ بالناسِ فصلّى وجاءَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في أثناءِ الصلاةِ، تأخَّرَ أبو بكرٍ وتقدَّمَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فلما عاتبَهُ في ذلكَ قالَ: ما كانَ لابنِ أبي قُحافَةَ أن يتقدّمَ بين يدي رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وكذا لنا استخلفَهُ ليُصلّيَ بالناس في مرضِ الموتِ، ووجدَ خِفّةً وخرج يُهادى بينَ رجلينِ، وأُجلِسَ عن يسار أبي بكرٍ، جعلَ أبو بكر يقتدي بالنبيِّ، والناسُ يقتدونَ بأبي بكر " (٢٣)، فقد استخلَفَ أبة بكر لعُذْرٍ رآهُ هو، وأقرّهُ عليهِ السلامُ، فدلَّ على جوازِ اسْتخلافِ الإمامِ لعذْر.
عن أبي هريرةَ: أنّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " إذا صلّى أحدُكُم للناسِ فَليُخَفِّفْ، فإنّ فيهم الضعيفَ والسقيمَ والكبيرَ، وإذا صلّى لنفسِهِ فليُطوِّلْ ما شاءَ " (٢٤)، أخرجاهُ.
عن أبي سعيدٍ، قالَ: " لقد كانت الظهرُ تُقامُ فيذهبُ الذاهبُ إلى البقيعِ فيقضي حاجتَهُ، ثمّ يتَوضَّأَ، ثُمّ يأتي ورسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في الركعةِ الأولى ممّا يُطوِّلُها " (٢٥)، رواهُ مسلم، وفي لفظٍ لهُ: " لكيْ يدركَ الناسُ الركعةَ الأُولى ".
فيه دلالةٌ على مشروعيةِ انتظارِ الإمامِ المأمومَ في الركوعِ وهو الصحيحُ.
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " مَنْ توضَّأَ فأحسَنَ الوضوءَ، ثمّ راحَ فوجدَ الناسَ قد صلّوا، أعطاهُ اللهُ أجرَ مَنْ صلاّها وحضرَها لا ينقصُ ذلكَ من أُجورِهم شيئاً " (٢٦)، رواهُ أحمد، وأبو داود، والنَّسائيّ بإسنادٍ جيّدٍ، لا بأْسَ بهِ.
فَهذا فيمن لمْ يُدركْ جُزْءاً من الصلاةِ، فلأنْ يكونَ لمن أدركَ جُزْءاً بطريقِ الأوْلى، ويُؤَكِّدُ هذا ما رواهُ الحافظُ ابنُ عَديّ في ترجمةِ كَثيرِ بنِ شِنْطيرٍ عن عَطاءٍ عن جابرٍ مرفوعاً: " مَنْ أدركَ ركْعةً من الصّلاةِ، فقد أدركَ فضلَ الجماعةِ، ومَنْ أدركَ الإمامَ قبلَ أن يُسلّمَ، فقد أدركَ فضْلَ الجماعةِ، قالَ: وكنّا نتحدَّثُ أنّ مَنْ أدركَ القومَ قبل أن يتَفرَّقوا، فقد أدركَ فضلَ الجماعَةِ "، ولكن لمْ يَصحَّ سنَدُهُ إلى كَثيرٍ.
(٢٣) تقدم تخريجه.
(٢٤) رواه البخاري (١/ ١٨٠ نواوي)، ومسلم (١/ ٣٤١).
(٢٥) رواه مسلم (١/ ٣٣٥).
(٢٦) رواه أحمد (الفتح ٥/ ٢١٨)، وأبو داود (٥٦٤)، والنسائي (٢/ ١١١).