قالَ الشافعيُّ: ورُوِّينا وجوبَ زكاةِ مالِ اليتيمِ عن عمرَ، وعليٍّ، وعائشةَ، وابن عمرَ، وغيرِهم، معَ أنّ الأكثرَ من التابعين قبلَنا يقولونَ بهِ.
عن ابنِ عمرَ، قالَ: " ليسَ في مالِ العبدِ زَكاةٌ " (٥)، رواهُ الشافعيُّ والبيهقيُّ، وقالَ: رُوِّيناهُ عن جابرٍ أيضاً، ورُويَ عن جابرٍ مرفوعاً، ولا يَصحُّ.
قالَ الشافعيُّ: ورُويَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْر أنهما قالا: " ليسَ في مالِ المُكاتبِ زكاةٌ " (٦).
عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بعثَ مُعاذاً إلى اليَمنِ، فقال: " ادْعُهُمْ إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ، وأنّي رسولُ اللهِ، فإن هُم أطاعوا لكَ بذلكَ، فأعْلِمْهُم أنَّ اللهَ قد افترَضَ عليهم خَمْسَ صَلواتٍ في كلِّ يومٍ ولَيْلةٍ، فإنْ هُم أطاعوا بذلكَ، فأعْلِمْهُم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدَقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ من أغنيائِهم فتُرَدُّ على فُقرائِهم، فإن هُم أطاعوا بذلكَ، فإيّاكَ وكرائِمَ أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المَظلومِ، فإنّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ " (٧)، أخرجاهُ.
استدل بهِ على عدَمِ وجوبِ الزّكاةِ على الكافرِ الأصلي، فأمّا المرتدُّ، فقد عُلِمَ بالتواترِ أنَّ الخليفةَ أبا بكر الصّدّيقَ رضيَ اللهُ عنهُ قاتلَ أهلَ الرِّدّةِ ومانعي الزَّكاةِ، حتى أخذَها منهم، وقالَ لعمرَ رضيَ اللهُ عنهُ: واللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ فرَّقَ بينَ الصّلاةِ والزَّكاةِ، واللهِ لو مَنَعوني عَناقاً، وفي روايةٍ: " عِقالاً " (٨)، كانوا يُؤدونهُ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لأُقاتِلَنَّهم على مَنْعِها "، وهو في الصّحيحين، وغيرِهما من كتب الإسلامِ.
عن الحَسنِ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " لمْ تُفْرَض - يعني الزكاةَ - إلاّ في عَشرة أشياء:
(٥) البيهقي (٤/ ١٠٨).
(٦) رواه البيهقي (٤/ ١٠٩) عن ابن عمر موقوفاً عليه، وعن جابر كذلك، وقال: وهو قول سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وعطاء ومكحول، ومسروق.
(٧) رواه البخاري (٢/ ١٥٨) ومسلم (١/ ٢٩).
(٨) رواه البخاري (٢/ ١٤٧، ١٣١ نواوي) ومسلم (١/ ٢٩ - ٣٠).