اللهِ، أو مسكينٍ تُصُدِّقَ عليهِ منها، فأهدى لغنيٍّ " (٣١)، رواهُ أبو داود، وابنُ ماجَةَ من حديث مَعْمَرٍ عن زيدِ بنِ أسْلَمَ عن عطاءٍ كذلكَ، ثمَّ رواهُ أبو داود عن القَعْنَبيِّ عن مالكٍ عن زيدٍ عن عطاءٍ مُرْسَلاً، قلتُ: وكذا رواهُ السُّفيانان عن زيدٍ مُرْسَلاً.
فهذا دَليلُ ظاهرِ المَذهبِ أنَّ مَنْ غَرِمَ لإصلاحِ ذاتِ البينِ يُدفَعُ إليهِ معَ الغِنى، فأمّا مَنْ غَرِمَ لمصلحةِ نفسِهِ:
فَعن أبي سعيدٍ، قالَ: " أُصيبَ رجلٌ في عهدِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في ثمارٍ ابتاعَها، فكثُرَ دينُهُ، فقالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: تصدّقوا عليهِ، فتصَدَّقَ الناسُ عليهِ، فلمْ يبلغْ ذلكَ وفاءَ دينهِ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لغُرمائِهِ: خُذوا ما وجدْتُمْ، وليسَ لكم إلا ذلكَ " (٣٢)، رواهُ مُسلم، هكذا يَذكرُهُ المُصَنِّفون، وهذهِ واقعةُ عينٍ، ولعلَّ هذه الصّدقةَ صَدَقةُ تَطَوّعٍ.
السابعُ والثامنُ: في سبيلِ الله، وابن السَّبيلِ:
تقدّمَ في حديثِ أبي سَعيدٍ آنِفاً: " لا تَحِلُّ الصّدقةُ لغنيٍّ إلا لخمْسةٍ: فذكَرَ فيهم: " أو غازٍ في سبيلِ اللهِ ".
وعن عَطيَّةَ العَوْفي عن أبي سَعيدٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " لا تحِلُّ الصّدقةُ لغنيٍّ إلاّ في سَبيلِ اللهِ، وابنِ السَّبيلِ، أو جارٍ فَقيرٍ فيَهدي لكَ أو يَدعوكَ " (٣٣)، رواهُ أبو داود، وعَطيَّةُ فيهِ ضَعفٌ، إلا أنّهُ كالشاهدِ لحديث عَطاءٍ عن أبي سَعيد في رفْعِه.
عن سَلْمانَ بن عامرٍ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " الصَّدقةُ على المِسْكينِ صدَقَةٌ، وعلى ذي الرَّحمِ اثْنَتانِ: صَدَقةٌ وصِلةٌ " (٣٤)، رواهُ أحمدُ، والترمِذِيُّ، والنَّسائيُّ، وقالَ البَيهقيُّ: رُوِّينا عن عليٍّ: أنّهُ قالَ: " ليسَ لوَلدٍ، ولا لوالِدٍ حقٌّ في صدَقةٍ مَفروضةٍ " (٣٥).
(٣١) رواه أبو داود (١/ ٣٨٠) وابن ماجة (١٨٤١).
(٣٢) رواه مسلم (٥/ ٣٠).
(٣٣) رواه أبو داود (١/ ٣٨٠).
(٣٤) رواه أحمد (٩/ ١٩٢) والترمذي (٢/ ٨٤) والنسائي (٥/ ٩٢).
(٣٥) رواه البيهقي (٧/ ٢٨).