يَصحّ بيعُ الغائبِ.
واحتجوا على القولِ بالصحةِ بما أخرجاهُ في الصَّحيحينِ عن ابنِ مَسعودٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " لا تُباشِر المرأةُ المرأة تَنعتُها لزوجِها، كأنَّهُ يَنظرُ إليها " (١٤)، قالوا: فنَزَّلَ الوصفَ التامَّ منزلةَ الرؤيةِ، فدلَّ على صحةِ البيعِ لزوالِ الغَرَرِ.
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " من اشترى شَيئاً لمْ يَرَهُ، فَهو بالخِيارِ إذا رآهُ " (١٥)، رواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ عمرَ بنِ إبراهيمَ بنِ خالدٍ الكُرْديِّ عن وهْبٍ اليَشْكُرِيِّ عن محمدِ بنِ سيرينَ عنهُ، قالَ الدارَقطنيُّ: وعمرُ: هذا: يَضعُ الحديثَ، وهذا باطلٌ، وإنما ينزلُ من قبلِ ابنِ سيرين.
قال الشافعيُّ: أخبرَنا سفيانُ بنُ عُيَينةَ عن عبدِ الكريمِ الجَزَريِّ عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: " لا تَبيعوا إلى العَطاءِ، ولا الأنْذَرِ، ولا إلى الدّياسِ " (١٦)، هذا: مُنقطعٌ وموقوفٌ، وقدْ عَضدوهُ بحديثِ النّهي عن الغَررِ لما في جهالةِ الأجلِ من الغَررِ، وسيأتي حديثُ: " من أسلفَ في شيءٍ، فَليُسلِفْ في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ إلى أجَلٍ معلومٍ " (١٧).
عن ابنِ عمرَ، قالَ: " نَهى رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن بيعِ حبَلِ الحَبَلةِ " (١٨)، اخرجاه.
وفي لفظٍ لهما عن ابنِ عمرَ: " كان أهلُ الجاهليةِ يَبتاعونَ لحمَ الجزور إلى حَبَل الحَبَلةِ " (١٩)، وحبَلُ الحبَلةِ: أن تُنْتِجَ الناقةُ ما في بطنِها، ثمَّ تحملَ التي نَتِجتْ فنَهاهمْ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن ذلكَ.
عن أبي هريرةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَهى عن المُلامَسةِ، والمنابَذةِ " (٢٠)، أخرجاهُ.
(١٤) البخاري (٢٠/ ٢١٩) ومسلم (٥/ ١٨).
(١٥) الدارقطني (٣/ ٦).
(١٦) الشافعي (٣/ ٨٥).
(١٧) سيأتي.
(١٨) البخاري (١١/ ٢٦٤) ومسلم (٥/ ٣).
(١٩) البخاري (١١/ ٢٦٨) ومسلم (٥/ ٣).
(٢٠) البخاري (١١/ ٢٦٨) ومسلم (٥/ ٣).