عن أبي هُريرَة: " جاءَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ الصّدقةِ أفضلُ؟، قالَ: أن تصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ، تَخشى الفقرَ، وتأملُ الغِنى، ولا تُمهلْ حتّى إذا بَلَغَتِ الحُلْقومَ، قلتَ: لفُلانٍ كذا، ولِفُلانٍ كذا، وقدْ كانَ لِفُلانٍ " (١٥)، أخرجاهُ.
عن أبي الدَّرْداءِ عن رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " إنّ الله تصدّقَ عليْكمْ بثُلثِ أموالِكمْ عندَ وفاتِكُم " (١٦)، رواهُ أحمدُ من حديثِ أبي بكر بن أبي مَرْيمَ، وفيهِ ضعفٌ.
ولابنِ ماجة عن أبي هريرةَ مرفوعاً مثلُهُ، وفي سَندِه طَلْحةُ بنُ عَمرو - وهو ضعيفٌ.
وللدارقُطنيِّ عن مُعاذٍ مَرفوعاً: نحوهُ، وفيهِ: القاسمُ بنُ عبدِ الرّحمن - وهوَ ضعيفٌ أيضاً، ولكن قد يقوى الحديثُ بانْضمام بعضِ هذهِ الطّرقِ إلى بعضٍ، فيُستدَلُّ بهِ على أنّ مَن تبرَّعَ وهو في مَرضٍ مخوفٍ أنهُ تُخرجُ وصيّتُهُ من الثلُثِ.
عن سعيدِ بنِ المُسيّبِ، قالَ: " مضَتِ السُّنةُ أن يُبْدأ بالعتاقةِ في الوَصيّةِ " (١٧)، رواهُ البيهقيُّ بإسنادٍ: صحيحٍ عنهُ.
وقد نصَّ غيرُ واحدٍ من علماءِ الأصولِ والحديثِ على أنهُ إذا قالَ التابعيُّ: " من السّنةِ كذا " أنهُ يُنزَّلُ منزلةَ مُرْسَلهِ، إذا كان ذلكَ من الصّحابي في حُكمِ المرفوعِ، وهو الصحيحُ الذي نصَّ عليهِ الشافعيُّ، وقد عُلمَ أن مُرسلاتِ سعيدِ بنِ المسيّب: حسانٌ، وممنْ نصَّ على ذلكَ الشافعيُّ، وغيرُهُ.
عن عِمران بنِ حُصيْنٍ: " أنّ رجلاً أعتقَ ستّةَ ممْلوكين لهُ، وفي لَفْظٍ: أن رجلاً من الأنصارِ أوصى عند موتِهِ، فأعتقَ ستّةَ مملوكين لهُ، لم يكنْ لهُ مالٌ غيرُهم، فدعا بهم رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فجزَّاهم أثلاثاً، ثمَّ أقرعَ بينَهم، فأعتقَ اثنينِ، وأرَقَّ أربعةً، وقالَ لهُ: قولاً شديداً " (١٨)، رواهُ مسلمٌ.
(١٥) البخاري (١٤/ ٣٩) ومسلم (٣/ ٩٣).
(١٦) أحمد (١٥/ ١٨٥) وابن ماجة (٢٧٠٩) والدارقطني (٤/ ١٥٠).
(١٧) البيهقي (٦/ ٢٧٧)، وإسناده صحيح كما قال المصنف.
(١٨) مسلم (٥/ ٩٧)، وأحمد (١٥/ ١٨٦).