فوَرثَهُ أخوهُ الذي لأبيهِ وأُمِّهِ، مالَهُ ومواليهِ، ثمّ هلكَ الذي ورثَ المالَ وولاءَ الموالي وتركَ ابنَهُ وأخاهُ لأبيهِ، فقالَ ابنُهُ: قد أحرزتُ ما كانَ أبي أحرزَهُ من المالِ وولاءِ الموالي، وقالَ أخوهُ: ليسَ كذلكَ: إنّما أحرزتَ المالَ، وأما ولاءُ الموالي، فلا، أرأيتَ لو هَلكَ أخي اليومَ ألسْتُ أرِثُهُ؟، فاختصمَا إلى عثمانَ فقضى لأخيهِ بوَلاءِ الموالي " (٥)، رواهُ مالكٌ في الممُوَطَّأ.
وقال الإمامُ أبو داود رحمهُ اللهُ، أبو بكرٍ، وعثمانُ، وعليٌّ، وزيدُ بنُ ثابتٍ يُورِّثون الكبيرَ من الوَلاءِ.
وقالَ أحمدُ: حديثُ عمرَ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " ما أحرَزَ الوالدُ والولدُ، فهو لعَقبتِهِ من كان " (٦)، وهكذا يرويهِ عمرو بنُ شُعَيبٍ.
وقد رُويَ عن عمرَ، وعثمانَ، وعليّ، وزيدٍ، وابن مسعود: " أنّهم قالوا: الولاءُ للكبير "، فهذا الذي يُذهَبُ إليه، وهو قولُ أكثرِ الناسِ فيما بلَغَنا.
قلتُ: هذا الحديثُ الذي أشارَ إليهِ أحمدُ رحمهُ اللهُ، هو في مُسندِهِ مُخْتصَراً، وأخرجَهُ أبو داودَ في سُنَنِه مُطوَّلاً، وفيه قصّةٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجة، وهو صحيحٌ إلى عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وهو غَريبٌ جدّاً.
وعن الزُّهريِّ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " المولى أخٌ في الدّينِ، ونعمةٌ، وأحَقُّ الناسِ بميراثِهِ أقربُهمْ من المُعتِقِ " (٧)، رواهُ أبو محمدٍ الدّارِميُّ، وهو: مُرْسلٌ، ولفظُهُ: غريبٌ.
قد تقدَّمَ قولُه عليهِ السّلامُ: " الوَلاءُ لمنْ أعطى الوَرق، ووَلي النعمة " (٨)، رواهُ البخاريُّ. وهذا عامٌّ في الرّجالِ والنّساءِ.
(٥) مالك (٢/ ١٤٤)، والبيهقي (١٠/ ٣٠٣) من طريقه.
(٦) أحمد (المتن ١/ ٢٧)، وأبو داود (٢/ ١١٤) والنسائي في الكبرى كما في التحفة (٨/ ٧٧ - ٧٨) وابن ماجة (٢٧٣٢).
(٧) الدارمي (٢/ ٣٧٢)، والبيهقي (١٠/ ٣٠٤).
(٨) البخاري (٢٣/ ٢٥٨).