ليكونَ مالكاً للرّجعةِ، كما فعلَ عليه السلام بحفْصةَ.
ويؤيد ذلكَ: ما رواهُ النّسائيُّ بإسنادٍ جيّد قويٍّ عن محمود بن لبيدٍ، قالَ: " أُخبرَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن رجلٍ طلقَ امرأتَهُ ثلاثَ تطليقات جميعاً، فقامَ غضبانُ، ثمَّ قالَ: أيلعَبُ بكتابِ اللهِ، وأنا بينَ أظْهُركُمْ؟، حتّى قامَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ألا أقتلُهُ " (١٦).
واستدلَّ الشافعيُّ على وقوعِ الثّلاثِ المجموعةِ بحديثِ العجلاني: " أنهُ طلّقَ امرأتَهُ ثلاثاً بحضرةِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فلمْ يُنكرْ ذلك عليه " (١٧)، والحديثُ في الصحيحين، وبحديثِ عبد الله بنِ عباسٍ، قالَ: " كانَ الطّلاقُ على عهدِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وأبي بكرٍ، وسنتين من خلافةِ عمرَ، طلاقُ الثلاثِ واحدةٌ، فقالَ عمرُ بن الخطابِ: إنّ الناسَ قد استعجلوا في أمرٍ كانتْ لهمْ فيهِ أناةٌ، فلو أمْضَيْناهُ عليْهم، فأَمضاهُ عليْهم " (١٨).
وقد رَوى هذا الحديثَ مسلمٌ، ثمّ قال الشافعيُّ: قد رُويَ عن ابنِ عبّاسٍ: أنهُ كان يُوقعُ الثلاثَ مجموعةً، فدلَّ على نسخِ ذلكَ عندَهُ.
عن عِكْرِمةَ عن ابنِ عباسٍ، قالَ: " الطلاقُ على أربعةِ أوجهٍ: وجهان: حلالٌ، ووجهانِ حرامٌ، فأما اللذان هما حلالٌ، فأنْ يُطلقَ الرجلُ امرأتَهُ طاهراً من غير جماعٍ، أو يُطلّقها حاملاً مُستبيناً حَمْلُها، وأمّا اللذان هما حرام، فأنْ يُطلّقَها حائضاً أو يطلّقها عندَ الجماعِ لا يَدري اشتملَ الرحمُ على حَملٍ أم لا " (١٩).
عن نافعٍ: " أن ابنَ عمرَ طلّقَ امرأةً لهُ وهي حائضٌ تطليقةً واحدةً، فأمرهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن يُراجعَها، ثمّ يُمسكَها حتى تطهرَ، ثمّ تحيضَ عندهُ حيضةً أُخرى، ثمّ يُمهلها حتى تطهرَ من حَيْضتِها، فإن أرادَ أن يُطلّقَها، فلْيُطلّقْها حينَ تطهرُ من قبلِ أن يُجامِعَها،
(١٦) النسائي (٦/ ١٤٢).
(١٧) البخاري (٢٠/ ٢٣٥) ومسلم (٤/ ٢٠٦).
(١٨) مسلم (٤/ ١٨٣).
(١٩) البيهقي (٧/ ٣٢٥).