قالَ الشافعيُّ: أخبرنا مالكٌ عن يحيى بن سعيدٍ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ: " أنَّ عمرَ ابنَ الخطابِ قتلَ نفراً خمسةً أو سبعةً برجلٍ قتلوهُ غِيلةً، وقالَ: لو تمالأ عليهِ أهلُ صَنعاءَ لقتَلتُهمْ جميعاً " (١٧).
وعن ابنِ عمرَ: " أنّ غلاماً قُتِلَ غيلةً، فقالَ عمرُ: لوْ اشتركَ فيهِ أهلُ صنعاءَ لقتلتُهم " (١٨) رواهُ البخاريُّ، ثمَّ قالَ: وقالَ مُغيرةُ بنُ حكيمٍ عن أبيهِ: أنّ أربعةً قتلوا صبيّاً، فقالَ عمرُ: مثلَهُ ".
قلتُ: وقد رُويَ مثلُ هذا عن عليّ، والمغيرةِ بنِ شُعبةَ، وهو قولُ ابنِ المسيَّبِ، والحسنِ، والشَّعبيِّ، وأبي سَلمةَ بنِ عبد الرحمنِ، وجمهورِ أهلِ العلمِ، وقدْ وردَتْ أحاديثُ تُقَوّي ذلكَ.
فعن عبد الله بن عمرو عن النبيِّ عليه السلامُ، قالَ: " لزوالُ الدنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ المؤمنِ " (١٩)، رواهُ الترمذيُّ، والنسائيُّ بإسنادٍ جيدٍ، ولكنْ رواهُ موقوفاً، قال الترمذيُّ: وهو أصحُّ.
وقدْ وردَ من حديثِ بُرَيْدةَ بنِ الحُصيْبِ، والبراءِ بنِ عازبٍ، وابنِ عباسٍ، وأبي ذَرٍّ.
وعن أبي هريرةَ، وأبي سعيدٍ، قالا: قال رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: " لوْ أنّ أهلَ السّماءِ وأهل الأرضِ اشتركوا في دمِ مؤمنٍ أكَبَّهُمُ اللهُ في النارِ " (٢٠)، رواهُ الترمذيُّ، وقالَ: غريبٌ.
قلتُ: وفي إسنادهِ: يزيدُ الرِّقاشيُّ عن أبي الحكم وهو: عبدُ الرحمن بنُ أبي نُعْمٍ، عنهما، ويزيدُ: ضعيفٌ جداً، ولكنْ هذهِ الأخبارُ يشدُّ بعضُها بعضاً.
(١٧) الشافعي (٦/ ١٩)، والبيهقي (٨/ ٤١) من طريقه.
(١٨) البخاري (٢٤/ ٥٥)، والبيهقي (٨/ ٤١) من الطريقين اللذين في البخاري ووصل طريق مغيرة.
(١٩) الترمذي (٢/ ٤٢٦) والنسائي (٧/ ٨٢).
(٢٠) الترمذي (١٣٩٨)، وانظر البيهقي ٨/ ٢٢.