عن أبي موسى: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بعثَهُ إلى اليمنِ، ثمّ أتبعَهُ معاذَ بنَ جبلٍ، فلما قدمَ عليهِ ألقَة لهُ وسادةً، قالَ: انزلْ، وإذا رجلٌ عندهُ موثَقٌ، قالَ: ما هذا؟ قالَ: كانَ يهودياً فأسلمَ، ثمّ تهوَّدَ، قالَ: اجلسْ، قالَ: لا أجلسُ حتّى يُقْتلَ، قضاءُ اللهِ ورسولِهِ، ثلاثَ مراتٍ، فأمرَ بهِ فقُتِلَ، ثمّ تذاكرا قيامَ الليلِ. . الحديث " (٥)، أخرجاهُ.
زادَ أبو داودَ بعدَ قولِهِ: " فقُتلَ، وكانَ قدْ اسْتُتيبَ قبلَ ذلكَ " (٦).
وفي لفظٍ لهُ: " أنَّ أبا موسى كانَ قد استتابَهُ عشرين ليلةً ".
قالَ الشافعيُّ: أخبرنا مالكٌ عن عبدِ الرّحمن بنِ محمدِ بنِ عبد الله بن عبدِ القاريِّ عن أبيهِ، قالَ: " قدمَ على عمر بنِ الخطابِ رجلٌ من قبلِ أبي موسى، فسألَهُ عن الناسِ، فأخبرَهُ، ثمَّ قالَ: هلْ فيكمْ مِن مُغَرِّبةِ خَبرٍ؟، قالَ: نعمْ، رجلٌ كفرَ بعدَ إسلامِهِ، قالَ: فما فعلْتُمْ بهِ؟، قالَ: قرَّبناهُ فضَربْنا عُنقَهُ، قالَ عمرُ: فهلاّ حبستموهُ ثلاثاً، وأطعمتموهُ كلَّ يومٍ رَغيفاً، واستتبتموهُ، لعلَّهُ يتوبُ أو يراجعَ أمرَ اللهِ، اللهمَّ: لمْ أحضرْ، ولمْ آمُرْ، ولمْ أرْضَ إذ بلغني " (٧).
عن البَراءِ بن عازبٍ، قالَ: " لقيتُ خالي ومعَهُ الرايَةُ، فقلتُ: أينَ تريدُ؟، قالَ: بعثني رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلى رجلٍ تزوَّجَ امرأةَ أبيهِ من بعدِهِ، أنْ أضربَ عُنقَهُ، أو أقتلَهُ، وآخذَ مالهُ " (٨)، رواهُ أحمدُ، وهذا لفظُهُ، وأهلُ السّننِ، وقالَ الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
قلتُ: وقدْ ورَدَ هذا الحديثُ بألفاظٍ شَتّى، قدْ بسطْتُها في الأصلِ، والغرضُ منهُ: ما قالَ البيهقيُّ: أن الأصحابَ حَملوا ذلكَ أنهُ فعلَهُ مُسْتحِلاً، فارتدَّ بذلكَ.
قالَ الشافعيُّ: " بعثَ معاويةُ إلى ابنِ عباسٍ، وزيدِ بن ثابتٍ يسألُهما عن ميراثِ
(٥) البخاري (٢٤/ ٢٣٣) ومسلم (٦/ ٦).
(٦) أبو داود (٢/ ٤٤١).
(٧) الشافعي (٨/ ٤٥٠) الأم مع المسند.
(٨) أحمد (١٦/ ١٠٣) وأبو داود (٢/ ٤٦٧) والترمذي (٢/ ٤٠٨)، والنسائي (٦/ ١١٠) وابن ماجة (٢٦٠٧).