ولا يكونُ لهم في الفيءِ إلا أن يُجاهدوا معَ المسلمين، فإنْ أبوْا فسلْهُم الجزيةَ، فإنْ هم أجابوكَ، فاقبلْ منهم وكفَّ عنهم، فإنْ أبوا فاستعِنْ باللهِ وقاتِلْهم، وإذا حاصرتَ أهلَ حِصْنٍ فأرادوكَ أنْ تجعلَ لهم ذمّةَ اللهِ وذمةَ نبيّهِ، فلا تجعلْ لهم ذمّةَ اللهِ ولا ذمةَ نبيّهِ، ولكنْ اجعلْ لهم ذمّتَكَ وذمّةَ أصحابِكَ، فإنكم إنْ تُخفروا ذمّتَكم وذممَ أصحابِكمْ أهونُ من أنْ تُخفِروا ذمَّةَ اللهِ وذمةَ رسولِهِ، وإذا حاصرتَ أهلَ حصْنٍ، فأرادوكَ أنْ تُنزِلهم على حكمِ اللهِ، فلا تُنزلهمْ على حكمِ اللهِ، ولكنْ أنزلهم على حكمِكَ، فإنّكَ لا تدري أتصيبُ حكمَ اللهِ لا " (٣٧)، رواهُ مسلمٌ.
وفيهِ دلالةٌ على: أنهُ لا بدَّ من عرضِ الجزيةِ على أهلِ الكتابِ، وذلكَ لأنّ هؤلاءِ المذكورين في هذا الحديث، إنما همْ أهلُ كتابٍ، لأنّ آيةَ الجزيةِ إنما نزلتْ بعدَ انقضاءِ حربِ المشركين عبدَةِ الأوثانِ.
عن الصعْبِ بنِ جَثّامَةَ: " سُئلَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن أهلِ الدارِ من المشركين يُبيّتونَ فَيُصابُ مِنْ نسائِهم وذَراريهم، فقالَ: همْ منهم " (٣٨)، أخرجاهُ.
عن ثَوْرِ بنِ يزيدَ عن مَكحولٍ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نصبَ المجانيقَ على أهلِ الطائفِ " (٣٩)، رواهُ أبو داودَ في المَراسيلِ.
وقد رواهُ الترمذيُّ مُرْسَلاً عن ثورٍ نفسهِ.
ورواهُ أبو سعيدٍ بنُ الأعرابي من حديثِ أبي صادقٍ عن عليٍّ، ولمْ يُدركْهُ.
ورواهُ البيهقيُّ بإسنادٍ جيِّدٍ من حديث زيدِ بنِ أسْلمَ عن أبيهِ عن أبي عُبيدةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حاصرَ أهلَ الطائفِ، ونصبَ عليهم المنجنيق سبْعَة عشرَ يوماً ".
وقد ذكر الشافعيُّ هذا الحديثَ مُعلّقاً.
(٣٧) مسلم (٦/ ١٣٩).
(٣٨) البخاري (١٤/ ٢٦٠) ومسلم (٥/ ١٤٤).
(٣٩) أبو داود في المراسيل (١٨٣) والترمذي (٥/ ٩٤) والبيهقي (٩/ ٨٤).