صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقالَ: يا عَمْرو صَلّيتَ بأَصحابِكَ وأَنتَ جُنُبٌ؟ فأَخبرتُهُ بالذي مَنَعني مِن الاغْتِسال، فقالَ: وقلتُ: إني سَمعتُ اللهَ يقولُ: " وَلا تَقْتلوا أنفسَكُمْ إنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحيماً "، فَضحكَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، ولَمْ يقلْ شيئا " (١٢)، رَواهُ أَحمدُ، وأَبو داودَ، وهذا لَفْظُهُ، ولهذا الحديثِ طرُقٌ، والغرضُ: أَنَّهُ لَمْ يأْمُرْهُ بإعادةٍ، وقد كانَ مسافراً تيمَّمَ للبردِ.
قالَ عَليهِ السلامُ: " إذا أَمَرْتكُمْ بأَمْرٍ، فائْتوا منهُ ما اسْتَطعتم " (١٣).
وعن جابرٍ، قالَ: " خَرجْنا في سَفَرٍ، فأصابَ رجلاً منا حجرٌ فَشَجّهُ في رأسِهِ، ثُمَّ احتَلَمَ فسألَ أَصحابَهُ فقالَ: هَلْ تَجدونَ لي رُخْصةً في التَيمُّمِ؟ قالوا: ما نجدُ لكَ رُخْصةً وأنتَ تقدِرُ على الماءِ، فاغتسَلَ فَماتَ، فَلمّا قَدِمْنا على النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُخْبِرَ بذلكَ، فقالَ: قَتَلوهُ، قَتَلهُمُ اللهُ، أَلا سَألوا إذ لَمْ يَعْلَموا، فإنّما شِفاءُ العِيِّ السّؤالُ، إنّما كانَ يَكفيهِ أَن يَتَيمَّمَ ويَعْصِرَ أو يَعْصِبَ عَلى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمسَحَ عَليها، ويغْسِلَ سائرَ جَسَدِهِ " (١٤)، رواهُ أَبو داود بإسناد لا بَأسَ بهِ، ولهُ شاهِدٌ من حديث ابنِ عَبّاسٍ " (١٥)، رواهُ أَحمدُ، وأَبو داود، وابنُ ماجَةَ، وإن كانَ في سَندِهِ انقطاعٌ.
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: " من السُّنَّةِ أَن لا يُصلّيَ بالتيممِ الواحدِ إلاّ صَلاةً واحدةً، ثمَّ يَتَيمَّمَ للصلاةِ الأُخرى " (١٦)، رواهُ الدارَقُطنيُّ، وفي إسْنادِهِ الحَسنُ بنُ عُمارةَ، وهو مَتروكٌ بمرَّةٍ، وكذّبَهُ شُعْبةُ، واتّهمَهُ بالوضعِ، ثُمَّ رواهُ الدارَقُطنيُّ (١٧) بأَسانيدَ جيّدةٍ مَوقوفاً على عَليٍّ، وعَمْرِو بنِ العاصِ، وعبدِ اللهِ بنِ عُمرَ.
عن عائِشةَ: " أَنّها استعارَتْ من أَسماءَ قِلادةً فهَلَكتْ، فبعَثَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في طَلَبِها فوَجَدوها فَأَدْركتْهمُ الصلاةُ وليسَ معهُمْ ماءٌ فصَلّوا بغيرِ وُضوءٍ، فلَمّا أَتوا رسولَ
(١٢) رواه أحمد (الفتح الرباني ٢/ ١٩١ - ١٩٢)، وأبو داود (٣٣٤).
(١٣) سبق تخريجه.
(١٤) رواه أبو داود (٣٣٦).
(١٥) رواه أحمد (الفتح الرباني ٢/ ١٩١)، وأبو داود (٣٣٧)، وابن ماجة (٥٧٢).
(١٦) رواه الدارقطني (١/ ١٨٥).
(١٧) رواه الدارقطني عن علي، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر (١/ ١٨٤) على التوالي.