وفي مُسندِ الإمامِ أحمدَ: " هذا ما اصطلحَ عليهِ محمدُ بنُ عبدِ الله، وسُهَيلُ بنُ عَمْرو على وضعِ الحربِ عشرَ سنين، وإنَّ بينَنا عَيْبةً مَكفوفةً، وإنهُ لا إسْلالَ ولا إغلالَ " (٣).
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، قالَ: " لما فدعَ أهلُ خيبرَ عبدَاللهِ بنَ عمرَ، قامَ عمرُ رضي اللهُ عنهُ خطيباً فقالَ: إنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كان عاملَ أهلِ خيبرَ على أموالهمْ، وقالَ: نقركُمْ ما أقرَّكُمْ اللهُ، وذكر بقيَّة الحديثِ " (٤)، رواهُ البخاريُّ.
وفي لفظٍ، لهُ تعليقاً عن ابنِ عمرَ في حديثٍ طويلٍ، قالَ فيه: " فأرادَ يعني رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن يُجليَهمْ منها، فقالوا: يا محمدُ، دَعْنا نكونُ في هذهِ نُصلحُها، ونقومُ عليها، ولمْ يكنْ لرسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، ولا لأصحابهِ غلمانٌ يقومون عليها، ولا يفرُغونَ أنْ يقوموا، فأعطاهُمْ خيبرَ على أنَّ لهمْ الشَّطر من كلِّ زرعٍ، وشيءٍ، ما بدا لرسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. . الحديث " (٥).
ففيه من الفقهِ: أنهُ إنْ هادنَ على أنّ الخيارَ إليهِ في الفسخِ متى شاءَ، جاز واللهُ أعلمُ.
قدْ تقدّمَ اشتراطُهمْ، وإنَّ بيننا عيبةً مكفوفةً، وإنهُ لا إسلالَ ولا إغلالَ، وحاصلُهُ كفُّ الشّرِّ ودفعُ الأذى من بينهم، فيُؤخذُ منهُ: أنهُ يجبُ على الإمامِ أن يدفعَ عنهم الأذيّةَ من جهةِ المسلمين.
وأمّا ردُّ الرّجالِ، فقد روى البخاريُّ: " أنهُ عليهِ السّلامُ شرَطَ لهمْ ردَّ من جاءَ منهم حيثُ قالوا: وعلى أنهُ لا يأتيكَ منّا أحدٌ، وإنْ كانَ على دينِكَ إلا رددْتَهُ علينا - الحديث " (٦).
(٣) أحمد (المتن ٤/ ٣٢٥).
(٤) البخاري (١٣/ ٣٠٤).
(٥) البخاري نواوي (٣/ ١٤١، ٢٥٢) معلقاً.
(٦) البخاري (١٤/ ٤).