وعن أنسٍ: " أنّ عمرَ استشارَهم في حدِّ الخمرِ، فقالَ عبدُالرّحمن: أخفُّ الحدودِ ثمانينَ، فأمرَ بهِ عمرُ " (١٢)، رواهُ مسلمٌ.
عن عُمَيْرِ بنِ سعيدٍ النَّخعيِّ، قالَ: " سمعتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ قالَ: " ما كنتُ لأُقيمَ حدّاً على أحدٍ فيموتَ، فأجدَ في نفسي منهُ إلا صاحبَ الخمرِ، فإنهُ لو ماتَ ودَيتُهُ، وذلكَ: أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لم يسنّهُ " (١٣)، أخرجاهُ. ومعنى ذلكَ - والله أعلمُ - أنهُ لمْ يُوقِّتْ فيهِ عدداً مُعَيّناً، ولكنْ قد صحَّ أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَلدَ أربعين كما تقدّمَ.
وعن أنسٍ: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ضربَ في الخمرِ بالجريدِ والنِّعالِ، وجلدَ أبو بكر أربعين " (١٤)، أخرجاهُ.
وعن أبي هريرةَ، قالَ: " أُتيَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ برجلٍ قد شربَ، قالَ: اضربوهُ، قالَ أبو هُريْرةَ: فمنّا الضاربُ بيدِهِ، والضاربُ بنعلِهِ، والضاربُ بثوبهِ، قالَ: فلما انصرفَ فقالَ بعضُ القومِ: أخزاكَ اللهُ، قالَ: لا تَقولوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشيطانَ " (١٥)، رواهُ البخاريُّ.
عن أبي هريرةَ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " من شربَ الخمرَ فاجلدوهُ، ثمَّ إن شربَ فاجلدوهُ، ثمَّ إن شربَ فاجلدوهُ، ثمّ إن شربَ في الرابعةِ، فاقتلوهُ " (١٦)، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وهذا لفظُهُ، وأبو داودَ، والنسائيُّ، وابنُ ماجة، زادَ الإمامُ أحمدُ: " قالَ الزُّهريُّ: فأُتيَ بهِ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ برجلٍ سكرانَ في الرابعةِ، فخلّى سبيلَهُ ".
ففيهِ دلالةٌ على: أنهُ يتكرَّرُ عليهِ الحدُّ إذا تكرَّرَ منهُ الشربُ، إذا كانَ قد حُدَّ قبلَهُ، فأما القتلُ بعد الرابعة فقيلَ: إنهُ منسوخٌ كما ذكرهُ الزّهري، وغيرهُ، وحَكى الترمذيُّ
= منه كلمة " أربعين ". والله أعلم.
(١٢) مسلم (٥/ ١٢٥).
(١٣) البخاري (٢٣/ ٢٦٨) ومسلم (٥/ ١٢٦).
(١٤) البخاري (٢٣/ ٢٦٦) ومسلم (٥/ ١٢٥).
(١٥) البخاري (٢٣/ ٢٦٨).
(١٦) أحمد (١٦/ ١٢٢) وأبو دواد (٢/ ٤٧٤) والنسائي (٨/ ٣١٤) وابن ماجة (٢٥٧٢)، والبيهقي (٨/ ٣١٣).