إليَّ: أنهُ ابنُهُ، انظرْ إلى شَبَهِهِ، وقالَ عبدٌ: أخي وابنُ أمَةِ أبي، وُلِدَ على فراشِهِ، فنظرَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فرأى شَبَهاً بيِّناً بِعُتْبةَ، فقالَ: هو لكَ، يا عبدَ بنَ زَمْعَةَ، " الولدُ للفِراشِ، وللعاهرِ الحَجرُ "، واحْتجبي منهُ يا سَوْدةُ، فلمْ ترهُ سَوْدةُ بعدُ قَطُّ " (١٦)، أخرجاهُ.
فيهِ: أنَّ مَن أقرَّ بنسب صغيرٍ مجهولِ النّسبِ، يثبتْ نسبُهُ، ابناً كانَ أو جاريةً، وفيهِ دلالةٌ على تبعيضِ الأحكامِ، فيكونُ نسيباً، ومعَ هذا، لا يرثُ، كما: أنهُ حكمَ بهِ لعبدِ بن زَمْعةَ، وقالَ لسوْدةَ بنتِ زَمْعةَ: " احتجبي منهُ " وهي أختُهُ نسباً وإلحاقاً، وليسَ بأُختِهِ في الخلْوةِ والنّظرِ إليها، ونحوَ ذلكَ.
وقد رَوى النَّسائيُّ حديثاً في ذلكَ، وهو من روايةِ مُجاهدٍ عن يوسفَ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ الزُّبيرِ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قال في هذا الحديثِ: " الولدُ للفِراشِ، واحتجبي منهُ يا سَوْدةُ، فليسَ لكِ بأخٍ " (١٧)، وهو إن صحَّ محمولٌ على ما ذكَرْنا، بدليلِ قولِهِ عليهِ السّلامُ: " هو لكَ يا عبدَ بنَ زَمْعةَ "، واللهُ أعلمُ.
وهذا آخرُ ما يسَّرَ اللهُ جمعَهُ من الأحاديثِ المتعلِّقةِ بمسائلِ " التنبيه "، ولله الحمدُ أوّلاً، وآخِراً على نعمِهِ الظاهرةِ والباطنةِ، ونسألُ اللهَ تَعالى المزيدَ من فضلِهِ وهداهُ، وأنْ يُوفِّقَني لما يُحبُّهُ ويَرضاهُ، إنهُ سميعُ الدّعاءِ، وصلّى اللهُ على سيّدنا محمدٍ وآلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً، ورضيَ اللهُ عن أصحابِهِ، وأزواجِهِ، وذرّيتِهِ، وأتباعِهِ إلى يومِ الدّينِ، وحَسبُنا اللهُ، ونعمَ الوكيلُ، ووافقَ الفراغُ من تعليقِهِ عشيّةَ الأربعاءِ تاسعَ عشرَ شهرِ شعبانَ " (١٨).
علَّقَهُ لنفسِهِ العبدُ الفقيرُ إلى رحمةِ ربِّهِ: أحمدُ بنُ الحُسينِ بنِ أحمدُ بنِ أبي الحَسَن الشّافعيِّ عَفا اللهُ عنهُمْ.
قالَ مُقيّدُه عفا اللهُ عنهُ وغفرَ لهُ:
(١٦) البخاري (١٣/ ٩٣) ومسلم (٤/ ١٧١).
(١٧) النسائي (٦/ ١٨١).
(١٨) غير واضح ما في الأصل هنا، وأظنه التاريخ بالسنة، والله أعلم.