والثاني:
١٠٧- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الوَرِق بالوَرِق، إلا وزنا بوزن، مثلا بمثل، سواء بسواء".
رواه مسلم١.
= توضيح:
في رواية الإمام مالك جاء هذا الحديث مرفوعا كله, وجاء من طريق أخرى في قوله: "أرأيت إذا منع الله الثمرة ... الحديث " ما ظاهره الوقف, ومن طريق ثالثة بلفظ قال أنس: "أرأيت إن منع الله الثمرة ... الحديث".
وقد تكلموا في ذلك، وأعلوا رواية الرفع, ولكن الحافظ -عليه رحمة الله- قال في الفتح ٤/ ٣٩٩: وليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعا؛ لأن مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه. وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر "حديث ١٤ في المساقاة ٣/ ١١٩٠" ما يقوي رواية الرفع، في حديث أنس. ولفظه "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته عاهة, فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا, بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " ا. هـ.
"قلت": والحديث واضح في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه ونضوجه.
وقد استدل بهذا الحديث قوم على وضع الجوائح في الثمر يشترى بعد بدو صلاحه، ثم تصيبه جائحة, وهي ما يصيب الثمر من ضرر عام يجتاحه مطلقا, بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " أي: لو تلف الثمر، لانتفى في مقابلته العوض، فكيف يأكله بغير عوض.
على أن البعض لا يرى أنها توضع، إلا أن يتصدق عليه بها. وقال آخرون بالتفصيل.
انظر تفصيل ما تقدم في فتح الباري ٤/ ٣٩٨, ٣٩٩.
وشرح النووي على مسلم ١٠/ ٢١٦, ٢١٧, وشرح الزرقاني على الموطأ ٣/ ٢٦٠, ٢٦١.
وانظر المغني لابن قدامة: ٤/ ٩٢-٩٤, والكافي في فقه الإمام أحمد له: ٢/ ٧٥-٧٨.
١ مسلم في كتاب المساقاة، باب الربا, حديث "٧٥-٧٧" ٣/ ١٢٠٨, ١٢٠٩ "واللفظ له".
وأخرجه البخاري، في كتاب البيوع, باب "٧٨" بيع الفضة بالذهب ٣/ ٣٠.
وأخرجه النسائي، في كتاب البيوع, باب بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا, حديث "٣٠" ٢/ ٦٣٢.
وأخرجه الإمام أحمد ٣/ ٤ و٩ و٥١ و٦١ و٧٣.