وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَذَلَّ بِوَقْعَةِ بَدْرٍ رِقَابَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ مُنَافِقٌ وَلَا يَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ خَاضِعٌ عُنُقَهُ لِوَقْعَةِ بَدْرٍ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ فَرَّقَ اللَّه تَعَالَى بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْإِيمَانِ.
وَقَالَتِ الْيَهُودُ تَيَقَّنَّا أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ واللَّه لَا يَرْفَعُ رَايَةً بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا ظَهَرَتْ.
وَأَقَامَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى قَتْلَاهُمُ النَّوْحَ فِي كُلِّ دَارٍ مِنْ مَكَّةَ شَهْرًا وجزّ النساء رؤوسهنّ يُؤْتَى بِرَاحِلَةِ الرَّجُلِ أَوْ بِفَرَسِهِ فَيُوقَفُ بَيْنَ ظَهْرَيِ النِّسَاءِ فَيَنُحْنَ حَوْلَهَا، وَخَرَجْنَ فِي الْأَزِقَّةِ فَسَتَرْنَهَا بِالسُّتُورِ ثُمَّ خَرَجْنَ إِلَيْهَا يَنُحْنَ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْأَسْرَى صَبْرًا غَيْرَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ قَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أبي الْأَقْلَحِ أَخُو بَنِي عَمْرِو ابن عَوْفٍ لَمَّا أَبْصَرَهُ عُقْبَةُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ اسْتَغَاثَ بِقُرَيْشٍ
فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَامَ أُقْتَلُ مِنْ بَيْنِ من ها هنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم على عَدَاوَتِكَ اللَّه وَرَسُولَهُ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ وَلَعَنَهُمْ وَهُوَ قَائِمٌ يُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ رَجُلًا مُسَمَّنًا فَانْتَفَخَ فِي يَوْمِهِ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوهُ فِي الْقَلِيبِ تَفَقَّأَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم: دَعُوهُ، وَهُوَ يَلْعَنُهُمْ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ نَافِعٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ: قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّه أَتُنَادِي نَاسًا مَوْتَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا قُلْتُ مِنْهُمْ
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ مِنْ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ يُعَرِّفُهُمُ اللَّه نِعْمَتَهُ فِيمَا كَرِهُوا مِنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، فَقَالَ:
كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ (١٧) إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَثَلَاثِ آيات معها.
(١٧) سورة الأنفال: (١٧- ١٨) .