قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ.
قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَنْ عَيْنَيْنِ، قَالَ: وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ بَيْنَهُ وبينه وادي، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَنَ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ فَقَالَ: يَا سباع يا بن مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ تُحَادُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ.
قَالَ: فَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَوَقَعَتْ ثُنَّتُهُ، حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ وَرِكِهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ، حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، قَالَ: وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلًا وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ (٣٩) ،
قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ أَنْتَ وَحْشِيٌّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: الَّذِي قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ الْأَمْرُ الَّذِي بَلَغَكَ قَالَ: مَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي وَجْهَكَ قَالَ: فَرَجَعْتُ
فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قُلْتُ لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثُلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرٌ رَأْسُهُ قَالَ: فَأَرْمِيهِ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ قَالَ وَوَثَبَ أَوْ قَالَ وَدَفَّ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ الْفَضْلِ وَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّه بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بيت: وأمير الْمُؤْمِنِينَ قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ.
قَالَ حُجَيْنٌ: فَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ يَقُولُ: وَكَانَ سعيد
(٣٩) عند ابن هشام: «إنه ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه» .