قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي (٧) السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ (٨)
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ وَهُوَ يَقُولُ
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ (٩)
قَالَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ فَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفَلُ (١٠) لَهُ فَرَجَعَ بِسَيْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، وَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ.
قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَنْفُرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أبكي، فقال: مالك؟
فَقُلْتُ: قَالُوا إِنَّ عَامِرًا بَطَلَ عَمَلُهُ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ (١١) ، بَلْ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ يَدْعُوهُ وَهُوَ أَرْمَدُ (١٢) فَقَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ قَالَ فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، قَالَ: فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
(٧) (شاكي السلاح) أي تام السلاح. يقال: شاكي السلاح، وشاك السلاح، وشاكّ في السلاح، من الشوكة وهي القوة. والشوكة ايضا السلاح، ومنه قوله تعالى: وتؤدون أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تكون لكم.
(٨) (بطل مجرب) أي مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان. والبطل الشجاع. يقال بطل الرجل يبطل بطالة وبطولة، إذا صار شجاعا.
(٩) (بطل مغامر) أي يركب غمرات الحرب وشدائدها ويلقي نفسه فيها.
(١٠) (يسفل له) أي يضربه من أسفله.
(١١) (كذب من قال) كذب، هنا بمعنى أخطأ.
(١٢) (وهو أرمد) قال أهل اللغة: يقال رمد الإنسان يرمد رمدا فهو رمد وأرمد. إذا هاجت عينه.