فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا (١١)
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا (١٢)
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا ... وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَرْجُو أَحَدَا
فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا ... قَدْ جَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ مَرْصَدَا (١٣)
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا ... فَقَتَّلُونَا رُكَّعَا وَسُجَّدَا (١٤)
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ» .
فَمَا بَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ عَنَانَةٌ (١٥) فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالْجِهَازِ، وَكَتَمَهُمْ مَخْرَجَهُ، وَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُعْمِيَ عَلَى قُرَيْشٍ خَبَرَهُ حَتَّى يَبْغَتَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ (١٦) .
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَكُمْ يَشُدُّ الْعَقْدَ وَيَزِيدُ فِي الْمُدَّةِ» .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فِي نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ، حَتَّى قَدِمُوا
(١١) «قد تجردا» : تروى هذه الكلمة بالجيم وبالحاء المهملة، فأما من رواه بالجيم فمعناه شمر وتهيأ لحربهم، وأما من رواه بالحاء المهملة فمعناه غضب وثار، وسيم خسفا: معناه طلب منه وكلفه، والخسف- بفتح فسكون- الذل، وتربد: تغير.
(١٢) الفيلق: العسكر الكثير.
(١٣) كداء: موضع بمكة، «ورصدا» : يروى بضم الراء وتشديد الصاد مفتوحة فهو جمع راصد، مثل راكع وركع، والراصد: الذي يترصد للأمر ويطلبه، ويروى «رصدا» بفتح الراء والصاد جميعا.
(١٤) الوتير: اسم ماء، وهجد: جمع هاجد، ويطلق على النائم أو المستيقظ.
(١٥) (عنانة) : سحابة.
(١٦) الخبر في سيرة ابن هشام (٤: ٨- ٩) .