وَكَانَ أَحْسَنَ عِبَادِ اللهِ عُنُقًا، لَا يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ وَلَا إِلَى الْقِصَرِ، مَا ظَهْرَ مِنْ عُنُقِهِ لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ فَكَأَنَّهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ يَشُوبُ ذَهَبًا يَتَلَأْلَأُ فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ وَحُمْرَةِ الذَّهَبِ. وَمَا غَيَّبَ الثِّيَابُ مِنْ عُنُقِهِ مَا تَحْتَهَا فَكَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ.
وَكَانَ عَرِيضَ الصَّدْرِ مَمْسُوحَهُ كَأَنَّهُ الْمَرَايَا فِي شِدَّتِهَا وَاسْتِوَائِهَا، لَا يَعْدُو بَعْضُ لَحْمِهِ بَعْضًا، عَلَى بَيَاضِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. مَوْصُولَ مَا بَيْنَ لَبَّتِهِ إِلَى سرّته شعر (٥١) مُنْقَادٌ كَالْقَضِيبِ. لَمْ يَكُنْ فِي صَدْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ شَعْرٌ غَيْرُهُ.
وَكَانَ لَهُ، صلى الله عليه وسلم، عُكَنٌ: ثَلَاثٌ، يغَطِّي الْإِزَارُ مِنْهَا وَاحِدَةً، وَتَظْهَرُ ثِنْتَانِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يغَطِّي الْإِزَارُ مِنْهَا (٥٢) ثِنْتَيْنِ، وَتَظْهَرُ وَاحِدَةٌ. تِلْكَ الْعُكَنُ أَبْيَضُ مِنَ الْقَبَاطِيِّ الْمُطْوَاةِ (٥٣) ، وَأَلْيَنُ مَسًّا.
وَكَانَ عَظِيمَ الْمَنْكِبَيْنِ أَشْعَرَهُمَا، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، وَالْكَرَادِيسُ: عِظَامُ الْمَنْكِبَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ.
وَكَانَ جَلِيلَ الْكَتَدِ. قَالَ: وَالْكَتَدُ: مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ وَالظَّهْرِ، وَاسِعَ الظَّهْرِ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ مِمَّا يَلِي (٥٤) مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ، فِيهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ تَضْرِبُ إِلَى الصُّفْرَةِ، حَوْلَهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَالِيَاتٌ كَأَنَّهُنَّ مِنْ عَرْفِ فَرَسٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَتْ شَامَةُ النُّبُوَّةِ بِأَسْفَلِ كَتِفِهِ، خَضْرَاءَ مُنْحَفِرَةً فِي اللَّحْمِ قَلِيلًا.
وَكَانَ طَوِيلَ مَسْرُبَةِ الظَّهْرِ. وَالْمَسْرُبَةُ: الْفِقَارُ الَّذِي فِي الظَّهْرِ مِنْ أَعْلَاهُ إِلَى أسفله.
(٥١) في (ص) : «شعره» .
(٥٢) ليست في (ص) .
(٥٣) رسمت في (ص) : «المطوات» .
(٥٤) سقطت من (ص) .