وَمَنْ مَاتَ فَاتْ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتْ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا: نُجُومٌ تَغُورْ وَلَا تَغُورْ (٥) ، وَبِحَارٌ تَفُورْ، وَلَا تَفُورْ (٦) ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعْ، وَمِهَادٌ مَوْضُوعْ.
وَأَنْهَارٌ مَنْبُوعْ. أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بِاللهِ لَا كَذِبًا وَلَا إِثْمًا: لَيَتْبَعَنَّ الْأَمْرَ سَخَطًا، وَلَئِنْ كَانَ فِي (٧) بَعْضِهِ رِضًا، إِنَّ فِي بَعْضِهِ لَسَخَطًا (٨) . وَمَا هَذَا بِاللَّعِبِ، وَإِنَّ مِنْ وَرَاءِ هَذَا لَلْعَجَبَ. أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بِاللهِ لَا كَذِبًا وَلَا إِثْمًا: إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَرْضَى لَهُ مِنْ دِينٍ نَحْنُ عَلَيْهِ. مَا بَالُ النَّاسِ يَذْهَبُونَ وَلَا يَرْجِعُونَ؟ أَرَضُوا فَأَقَامُوا؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟
قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «ثُمَّ أَنْشَدَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ أَبْيَاتًا مِنَ الشِّعْرِ لَمْ أَحْفَظْهَا عَنْهُ» . فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (٩) ، فَقَالَ: أَنَا حَضَرْتُ ذَلِكَ الْمَقَامَ، وَحَفِظْتُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَا هِيَ؟» فَقَالَ لَهُ (١٠) أَبُو بَكْرٍ: قَالَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ فِي آخر كلامه:
في الذاهبين الأولين ... من الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ
لَمَّا رأيت مواردا للمو ... ت لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ
وَرَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا ... يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرْ
لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا محا ... لة حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ
(٥) في (م) و (ص) «ولا تفور» .
(٦) في (ص) و (م) «ولا تغور» .
(٧) الزيادة من (هـ) .
(٨) في (ص) و (م) و (ح) : «سخطا» .
(٩) الزيادة من (ص) و (م) .
(١٠) ليست في (م) ولا في (ص) .