هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطُبُ الْفِتْنَةِ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ نُورٌ عَظِيمٌ فَجَعَلَ النُّورُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ وَلَا يَسْتَطِيعُ، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ! قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحًا بَارِدَةً طَيِّبَةً وَوَجَدَ رِيحَ الْمِسْكِ وَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ! مَا هَذِهِ الرِّيحُ الْبَارِدَةُ الطَّيِّبَةُ وَرِيحُ الْمِسْكِ؟ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ؟
قَالَ: هَذَا صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ: يَا رَبِّ ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي فَقَدْ كَثُرَ عَرْفِي، وَحَرِيرِي، وَسُنْدُسِي، وَإِستَبْرَقِي، وَعَبْقَرِيِّ، وَلُؤْلُؤِي، وَمَرْجَانِي، وَفِضَّتِي، وَذَهَبِي، وَأَبَارِيقِي، وَفَوَاكِهِي، وَعَسَلِي، وَخَمْرِي، وَلَبَنِي، فَائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمَسْلَمَةٍ، وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي، وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا، وَمَنْ خَشِيَنِي آمَنْتُهُ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ، ومن توكّل عليّ كيفيته، وَأَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لَا أُخْلِفُ الْمِيعَادَ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- إلى- فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٢٤) قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ! مَا هَذَا الصَّوْتُ؟
قَالَ: هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ يَقُولُ: ائْتِنِي بِأَهْلِي وَمَا وَعَدْتَنِي فَقَدْ كَثُرَ: سَلَاسِلِي، وَأَغْلَالِي، وَسَعِيرِي، وَزَقُّومِي، وَحَمِيمِي، وَحِجَارَتِي، وَغَسَّاقِي، وَغِسْلِينِي، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي، وَاشْتَدَّ حَرِّي فَأْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ، وَكَافِرٍ وَكَافِرَةٍ وَكُلُّ خَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ.
قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسَهُ إِلَى صَخْرَةٍ، ثُمَّ
(١٢٤) الآيات (١- ١٤) من سورة «المؤمنون» .