الأمر عند ذلك، وجمعت «١» للحرب، وتنادى القوم، وبادى «٢» بعضهم بعضا، فقال أبو طالب عند ذلك- وإنه يعرض بالمطعم- ويعم من خذله من بني عبد مناف، ومن عاداه من قبائل قريش، ويذكر ما سألوه فيما طلبوا منه وما تباعد من أمرهم.
ألا ليت حظي من حياطتكم بكر «٣» ... يرش على الساقين من بوله قطر
من الخور حبحاب «٤» كثير رغاؤه ... إذا ما علا الفيفاء «٥» تحسبه وبر
أرى أخوينا من أبينا وأمنا ... إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
بل لهما أمر ولكن ترجما ... كما ترجمت «٦» من رأس ذي الفلق الصخر
هما أغمزا للقوم في أخويهما ... وقد أصبحا منهم أكفهما صفر
أخص خصوصاً عبد شمس ونوفلا ... هما نبذانا مثل ما نبذ «٧» الجمر
فأقسمت لا ينفك منهم مجاور ... يجادرنا ما دام من نسلنا شفر «٨»
هما أشركا في المجد من لا أخاله ... من الناس إلا أن يرش له ذكر
وليداً أبوه كان عبداً لجدنا ... إلى علجة زرقاء جاش بها البحر
وتيم ومخزوم وزهرة منهم ... وكانوا لنا مولى إذا ابتغى النصر
وقد سفهت أحلامهم وعقولهم ... وكانوا كجفر شرها ضغطت «٩» جفر
(١) في ع رجعت.
(٢) في ع: ونادوا في، وفي ابن هشام الروض ٢/ ٥: وحميت الحرب، وتنابذ القوم.
(٣) البكر: الفتى من الابل، وأراد بقوله: إن بكرا من الإبل أنفع لي منكم.
(٤) الخور: الضعف، والحبحاب: الصغير.
(٥) الفيفاء: الصحراء، وشبه البكر بالوبر لصغره.
(٦) من رجم أي رمى وقذف، وفي ع وابن هشام، الروض: ٢/ ٩ «تجرجما كما جرجمت» .
(٧) في ع وابن هشام، الروض: ٢/ ٩: ينبذ.
(٨) في ع: شعر هذا وتباينت رواية ابن هشام، الروض: ٢/ ٩ عما ورد تباينا شديدا.
(٩) الضغاطة: الجهل والضعف في الرأي، وفي ع: خفيطت، وفي ابن هشام، الروض ٢/ ٩، صنعت.