الله صلى الله عليه وسلم: هذا رجل يعطيك ورقا «١» ، يسلفك في تمر حائط كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نسمي لك حائطاً ولكن تسلفنا في تمر مسمى في كيل معلوم إلى أجل معلوم، فبايعه اليهودي، ثم حل ورقاً معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ادفعها إلى الأعرابي، الحق فأغث بها قومك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلما وضع الميت في قبره وحثوا عليه، قام اليهودي فقال: يا محمد ألا تقضين تمري، فو الله ما أعلمكم يا بني عبد المطلب إلا تمطلون الناس بحقوقهم، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله لولا مجلسه لوجأت أنفك، وقال الزهري:
لوجأت خطمك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر أنت إلى غير هذا أحوج أن تأمره فيحسن طلبي، وتأمرني فأحسن قضاءه، إنطلق معه إلى حائط كذا وكذا، وهو الذي كان أراد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يسميه له، فأدخله فقل لفلان يكشف له عن الطعام ليريه إياه، فإن رضيه فمره فليوفه ماله، وكل له كذا وكذا صاعاً بشتمك إياه، فانطلق به عمر، فأراه فرضي فكال له ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال اليهودي لعمر: إنه لم يكن بقي شيء مما وجدنا في كتابنا مما وصف لنا موسى عليه السلام إلا قد رأيناه في محمد صلى الله عليه وسلم إلا الحلم فقد رأيناه الآن منه فأنا أشهدك أني اشهد ١٤٩ الا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأشهد أن نصف ما أملك صدقة على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر:
إنه قد حقت علي نصيحتك، لا يسعهم كلهم ولكن اجعله لمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل، ثم إن هذا اليهودي مات فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل سريره على عاتقه الأيمن وحمل علي أيضاً سريره على عاتقه الأيسر.
نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال:
كان عبد الله بن مزينة ذو البجادين بينما هو في حجر عمه، وكان يعطيه، وكان محسناً إليه، فبلغ عمه أنه قد تابع دين محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له: لئن فعلت وتبعت
(١) أي فضة وهذا يعني الدراهم.