لم تكن نزلت إذ ذاك، وأما ما ورد من الحديث من أنه رد عليه بنكاح جديد أو رد عليه بعد ست سنين فلا يصح معنى، كما أنه ليس بصحيح سندا «١» . والعجب ممن يتمسكون بهذا الحديث الضعيف، فإنهم يقولون: إن أبا العاص أسلم في أواخر سنة ثمان قبيل الفتح، ثم يناقضون أنفسهم، فيقولون: إن زينب ماتت في أوائل سنة ثمان. وقد بسطنا الدلائل في تعليقنا على بلوغ المرام، وجنح موسى بن عقبة أن هذا الحادث وقع في سنة ٧ من قبل أبي بصير وأصحابه، ولكن ذلك لا يطابق الحديث الصحيح ولا الضعيف.
٦- سرية زيد أيضا إلى الطرف أو الطرق
، في جمادي الآخرة سنة ٦ هـ. خرج زيد في خمسة عشر رجلا إلى بني ثعلبة، فهربت الأعراب، وخافوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إليهم، فأصاب من نعمهم عشرين بعيرا، وغاب أربع ليال.
٧- سرية زيد أيضا إلى وادي القرى
في رجب سنة ٦ هـ. خرج زيد في اثني عشر رجلا إلى وادي القرى، لاستكشاف حركات العدو إن كانت هناك، فهجم عليهم سكان وادي القرى، فقتلوا تسعة، وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة «٢» .
٨- سرية الخبط
- تذكر هذه السرية في رجب سنة ٨ هـ، ولكن السياق يدل على أنها كانت قبل الحديبية، قال جابر: بعثنا النبيّ صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عيرا لقريش، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط، فسمي جيش الخبط، فنحر رجل ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم إن أبا عبيدة نهاه، فألقى إلينا البحر دابة يقال لها: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، وأدهنا منه، حتى ثابت منه أجسامنا، وصلحت، وأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فنظر إلى أطول رجل في الجيش وأطول جمل، فحمل عليه، ومر تحته، وتزودنا من لحمه وشائق، فلما قدمنا المدينة، أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا له ذلك، فقال: «هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا؟» فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه «٣» .
وإنما قلنا: إن سياق هذه السرية يدل على أنه كانت قبل الحديبية؛ لأن المسلمين لم يكونوا يتعرضون لعير قريش بعد صلح الحديبية.
(١) انظر الكلام على الحديثين في تحفة الأحوذي ٢/ ١٩٥/ ١٩٦.
(٢) رحمة للعالمين ٢/ ٢٢٦، وانظر لهذه السرايا المصدر المذكور، وزاد المعاد ٢/ ١٢٠، ١٢١، ١٢٢، وحواشي تلقيح فهوم أهل الأثر ص ٢٨، ٢٩.
(٣) صحيح البخاري ٢/ ٦٢٥، ٦٢٦، صحيح مسلم ٢/ ١٤٥، ١٤٦.