ولما قدم جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم تلقاه وقبله، وقال: «والله ما أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر» . «١»
وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري، يطلب توجيههم إليه، فأرسلهم النجاشي على مركبين، وكانوا ستة عشر رجلا، معهم من بقي من نسائهم وأولادهم، وبقيتهم جاؤا إلى المدينة قبل ذلك. «٢»
الزواج بصفية
ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كنانة بن أبي الحقيق لغدره، ولما جمع السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي، فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي.
فقال: اذهب فخذ جارية. فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة وبني النضير، لا تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها. فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خذ جارية من السبي غيرها» ، وعرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، حتى إذا كان بسد الصهباء راجعا إلى المدينة حلت، فجهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح عروسا بها، وأولم عليها بحيس من التمر والسمن والسويق، وأقام عليها ثلاثة أيام في الطريق يا بني بها. «٣»
ورأى بوجهها خضرة، فقال: ما هذا؟ قالت: يا رسول الله، رأيت قبل قدومك علينا كأن القمر زال من مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر من شأنك شيئا، فقصصتها على زوجي، فلطم وجهي. فقال: تمنين هذا الملك الذي بالمدينة «٤» .
أمر الشاة المسمومة
ولما أطمأن رسول الله بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث، - امرأة سلام ابن مشكم- شاة مصلية، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي
(١) زاد المعاد ٢/ ١٣٩.
(٢) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري ١/ ١٢٨.
(٣) صحيح البخاري ١/ ٥٤، ٢/ ٦٠٤، ٦٠٦، زاد المعاد ٢/ ١٣٧.
(٤) نفس المصدر الأخير، وابن هشام ٢/ ٣٣٦.