٤ - أَنَّ فِيهِ كَسْبًا مَادِّيًّا مِنْ عَمَلِ اليَدِ، وأفْضَلُ الكَسْبِ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ اليَدِ.
فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ المِقْدَامِ بنِ مَعْدِي كَرِبَ الكِنْدِيِّ -رضي اللَّه عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا (١) مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيهِ السَّلامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" (٢).
٥ - وفِي ذِكْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ كَوْنُهُ أَكْرَمَ الخَلْقِ عَلَى اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ عَظيمِ التَّوَاضُعِ لِرَبِّهِ، والتَّصْرِيحِ بِمِنَّتِهِ عَلَيْهِ، وعَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ (٣).
* فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَال الحَافِظُ في الفَتْحِ: وفِي الحَدِيثِ:
١ - فَضْلُ العَمَلِ بِالْيَدِ، وتَقْدِيمُ مَا يُبَاشِرُهُ الشَّخْصُ بِنَفْسِهِ عَلَى ما يُبَاشِرُهُ بِغَيْرِهِ.
٢ - والحِكْمَةُ في تَخْصِيصِ دَاوُدَ عَلَيهِ السَّلامُ بِالذِّكْرِ، أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِي أَكْلِهِ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الحَاجَةِ؛ لِأنَّهُ كَانَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، كَمَا
(١) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٢٦): المراد بالخَيْرِيَّةِ ما يَسْتَلْزِمُ العمل باليدِ مِنَ الغنى عن الناس.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب البيوع - باب كسب الرجل وعمله بيده - رقم الحديث (٢٠٧٢).
(٣) انظر فتح الباري (٥/ ٢٠٠).