٣ - وَفِيهِ مُبَاشَرَةُ المَرْأَةِ لِأَبِيهَا، وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا، وَمُدَاوَاتُهَا لأمراضهم (١).
* تَشْوِيهُ شُهَدَاءِ المُسْلِمِينَ:
فَلَمَّا رَأَى المُشْرِكُونَ أَنَّهُمْ لَنْ يَصِلُوا إِلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِلَى الصَّحَابَةِ، آثَرُوا الِانْسِحَابَ، وَلَمْ يَكُوُنوا يَعْرِفُوا مَا مَصِيرُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هَلْ قُتِلَ أَمْ لَا، فَأَخَذُوا يَتَهَيَّؤُونَ لِلرُّجُوعِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يُمَثِّلُونَ بِقَتْلَى المُسْلِمِينَ، يُقَطِّعُونَ الآذَانَ، وَالأُنُوفَ، وَالفُرُوجَ، ويَبْقَرُونَ (٢) البُطُونَ.
وَبَقَرَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَاكَتْهَا (٣) فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا، فَأَلْقَتْهَا، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ إِنْ قَدِرَتْ عَلَى حَمْزَةَ لَتَأْكُلَنَّ مِنْ كَبِدِهِ (٤).
وَلَمْ يَتْرُكِ المُشْرِكُونَ قَتِيلًا مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَّا مَثَّلُوا بِهِ، إِلَّا حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ -غَسِيلَ المَلَائِكَةِ- فَتُرِكَ بِسَبَبِ وَالِدِهِ الفَاسِقِ، كَانَ مَعَ المُشْرِكِينَ.
وَمِمَّنْ مُثِلَ بِهِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَجَدَعُوا (٥) أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ.
(١) انظر فتح الباري (١/ ٤٧٢) (٨/ ١٢٣).
(٢) البَقْرُ: الشَّقُّ والفَتْحُ. انظر لسان العرب (١/ ٤٥٩).
(٣) يُقال: لُكْتُ الشيءَ في فَمِي: إذا عَلَكْته. انظر لسان العرب (١٢/ ٣٦٠).
(٤) أخرج أكل هند بنت عَبة رضي اللَّه عنها - لأنها أسلمت يوم فتح مكة - من كبد حمزة -رضي اللَّه عنه-: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٤٤١٤) - وهو حديث حسن لغيره.
(٥) الجدعُ: قطعُ الأنفِ والأذن. انظر النهاية (١/ ٢٣٩).