وَقَامُوا، جَلَسَ الْآخَرُونَ، فَسَجَدُوا فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعَّاَ، ثُمَ رَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَالصَّفُّ الذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ، جَلَسَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ (١).
فَهَذِهِ أَوَّلُ صَلَاةِ خَوْفٍ صَلَّاهَا الْمُسْلِمُونَ، وَهُوَ الذِي جَزَمَ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: بِأَنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ خَوْفٍ صَلَّاهَا الْمُسْلِمُونَ كَانَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ (٢).
* صِفَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ:
وَقَدْ وَرَدَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَيْفِيَّاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَاضِحًا فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَّا حَدِيثٌ ثَابِتٌ، هِيَ كُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ، فعَلَى أَيِّ حَدِيثٍ صَلَّى مِنْهَا الْمُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ أَجْزَأَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ (٣).
وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ
(١) أَخرجَهُ الإِمَامُ أحمدُ في مسندِهِ - رقم الحديث (١٦٥٨٠) - وأبو داودَ في سُننِهِ - كتاب الصلاة - بابُ صلاةِ الخوفِ - رقم الحديث (١٢٣٦) - وجود إسناده الحافظ في الإصابة (٧/ ٢٤٥).
(٢) انظر فتح الباري (٨/ ١٨٨).
(٣) انظر تفسير القرطبي (٧/ ٩٧).