المُرْجِئَةِ القَائِلِينَ بِأَنَّ المَعَاصِي لَا تَضُرُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (١).
* مَا الفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالمُنْتَحِرِ؟ :
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا ثبتَ في الصحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الحَسَنِ بنِ جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَان فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ (٢) بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ (٣) الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَادَرَني عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ" (٤).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِير: فَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَاكَ مُشْرِكًا، وَهَذا مُؤْمِنٌ.
الثَّانِي: قَدْ يَكُونُ ذَاكَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَهَذا غَيْرُ عَالِمٍ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالإِسْلَامِ.
الثَّالِثُ: قَدْ يَكُونُ ذَاكَ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا لَهُ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِلًّا بَلْ مُخْطِئًا.
الرَّابِعُ: قَدْ يَكُونُ أَرَادَ ذَاكَ بِصَنِيعِهِ المَذْكُورِ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، بِخِلَافِ هَذَا
(١) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (٢/ ١١٣).
(٢) الحَزُّ القطع. انظر النهاية (١/ ٣٦٣).
(٣) فما رقَأ الدم: أي فما سكن وما انقطع. انظر النهاية (٢/ ٢٢٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب أحاديث الأنبياء - باب ما ذُكر عن بني إسرائيل - رقم الحديث (٣٤٦٣) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه - رقم الحديث (١١٣).