* نُزُولُ سُورةِ الْمُزَّمِّلِ:
ثُمَّ نزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ المُدَّثِّرِ مُبَاشَرَةً سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ، فقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (١).
وَالسُّورَةُ تَعْرِضُ صفْحَةً مِنْ تَارِيخِ هذ الدَّعْوَةِ. . . تَبْدَأُ بِالنِّدَاءَ الْعُلْوِيِّ الكَرِيمِ بِالتَّكْلِيفِ الْعَظِيمِ. . . وَتُصَوِّرُ الإِعْدَادَ لَهُ وَالتَّهْيِئَةَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالصَّلَاةِ، وَتَرْتِيلِ القُرْآنِ، والذِّكْرِ الخَاشِعِ المُتَبَتِّلِ، والِاتِّكَالِ عَلَى اللَّهِ وحْدَهُ، والصَّبْرِ عَلَى الأَذَى، والهَجْرِ الجَمِيلِ للمُكَذِّبينَ.
قُمْ. . قُمْ لِلْأَمْرِ العَظِيمِ الذِي ينتَظِرُكَ، والْعِبْءَ الثَّقِيلِ المُهَيَّأِ لَكَ. قُمْ لِلْجَهْدِ وَالنَّصَبِ وَالْكَدِّ وَالتَّعَبِ. قُمْ فَقَدْ مَضَى وَقْتُ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ. . قُمْ فَتَهَيَّأْ لِهذَا الأمْرِ واسْتَعِدَّ. . . .
أَجَلْ مَضَى عَهْدُ النَّوْمِ ومَا عَادَ مُنْذُ اليَوْمِ إِلَّا السَّهَرُ والتَّعَبُ والجِهَادُ الطَّوِيلُ الشَّاقُّ (٢).
* افْتِرَاضُ قِيَامِ اللَّيْلِ:
وَكَانَ قِيَامُ الليْلِ فُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعَلَى أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابُهُ حَوْلًا كَامِلًا حتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ، فأنْزَلَ
(١) سورة المزمل الآيات (١ - ٤).
(٢) في ظلال القرآن (٦/ ٣٧٤٤) لسيِّد قطب رَحِمَهُ اللَّهُ.