قَالَ: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَخَلُّوهُ.
ثُمَّ خَرَجَ ثُمَامَةُ إلى اليَمَامَةِ، فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا إلى مَكَّةَ شَيْئًا، حَتَّى أَضَرَّ بِقُرَيْشٍ الجُوعُ، وَأَكَلُوا العِلْهِزَ (١)، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ وَفْدًا بِقِيَادَةِ أَبِي سُفْيَانَ إلى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي المَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَنْشُدُكُمُ اللَّه وَالرَّحِمَ، إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلَى".
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ قتَلْتَ الآبَاءَ بِالسَّيْفِ، وَالأَبْنَاءَ بِالجُوعِ.
فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ثُمَامَةَ بنِ أُثَالٍ -رضي اللَّه عنه-، أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الحَمْلِ إلى مَكَّةَ، فَفَعَلَ.
وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (٢).
(١) العِلْهِزُ: بكسر العين والهاء: هو شيء يتَّخذونه في سِنِيِّ المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الإبل، ثم يشوونه بالنار، ويأكلونه. انظر النهاية (٣/ ٢٦٥).
(٢) سورة المؤمنون آية (٧٦).
وأخرج قصَّة ثُمامة بن أثال: البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب وقد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أُثال - رقم الحديث (٤٣٧٢) - ومسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب ربط الأسير وحبسه - رقم الحديث (١٧٦٤) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الطهارة - باب غسل الكافر إذا أسلم - رقم الحديث (٩٦٧) (١٢٣٨) (١٢٣٩) - والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب تفسير سورة المؤمنون - رقم الحديث (٣٥٤٠) - وابن إسحاق في السيرة (٤/ ٢٩٥).