وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى المَدِينَةِ عُوَيْفَ بنَ الأَضْبَطِ الدَّيْلِيِّ (١) -رضي اللَّه عنه-، وَسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سِتِّينَ بَدَنَةً (٢)، وَجَعَلَ عَلَيْهَا نَاجِيَةَ بنَ جُنْدُبٍ الأَسْلَمِيَّ -رضي اللَّه عنه-، يَسِيرُ بِهَا أَمَامَهُ، مَعَهُ أَرْبَعَةُ فِتْيَانٍ مِنْ أَسْلَمَ.
وَحَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السِّلَاحَ وَالدُّرُوعَ وَالرِّمَاحَ خَوْفًا مِنْ غَدْرِ أَهْلِ مَكَّةَ.
فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ذِي الحُلَيْفَةِ (٣)، قَدَّمَ الخَيْلَ أَمَامَهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه-، وَأَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ بَابِ مَسْجِدِ الحُلَيْفَةِ وَلَبَّى، وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ يُلَبُّونَ.
وَمَضَى مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه-، في الخَيْلِ، فَلَمَّا كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ (٤)، وَجَدَ بِهَا نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ مَجِيئِهِ بِالخَيْلِ، فَقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَبِّحُ هَذَا المَنْزِلَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَأَوْا سِلَاحًا كَثِيرًا، مَعَ بَشِيرِ بنِ سَعْدٍ -رضي اللَّه عنه-، فَخَرَجُوا سِرَاعًا حَتَّى أَتَوْا مَكَّةَ، فَأَخْبَرُوا قُرَيْشًا، فَفَزِعُوا وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَحْدَثْنَا حَدَثًا، وَإِنَّا عَلَى كِتَابِنَا وَهُدْنَتِنَا، فَفِيمَ يَغْزُونَا مُحَمَّد في أَصْحَابِهِ؟
وَلَمَّا وَصَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مَرَّ الظَّهْرَانِ نَزَلَ بِهِ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-
(١) هذه رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ١٧) - وفي رواية ابن سعد في طبقاته (٢/ ٣١٠): أَبا رُهم الغفاري -رضي اللَّه عنه-.
(٢) البَدَنة: الإبل، سميت بدنة لعظمها وسمنها. انظر النهاية (١/ ١٠٨).
(٣) قال الحافظ في الفتح (٤/ ١٦١): ذِي الحُليفة: بضم الحاء وفتح اللام مصغرًا، وهو ميقات أهل المدينة.
(٤) مر الظهران: واد بين مكة وعُسفان. انظر النهاية (٣/ ١٥٢).