* بَدْءُ القِتَالِ، وَتَنَاوُبُ القَادَةِ:
وَهُنَاكَ فِي مُؤْتَةَ الْتَقَى الفَرِيقَانِ، وَبَدَأَ القِتَالُ المَرِيرُ، ثَلَاثَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ يُوَاجِهُونَ مِائتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ.
فِعْلًا مَعْرَكَة عَجِيبَةٌ تُشَاهِدُهَا الدُّنْيَا بِالدَّهْشَةِ وَالحَيْرَةِ، وَلَكِنْ إِذَا هَبَّتْ رِيحُ الإِيمَانِ جَاءَتِ بِالعَجَائِبِ (١).
* الرَّايَةُ بِيَدِ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه-:
أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجَعَلَ يُقَاتِلُ بِضَرَاوَةٍ بَالِغَةٍ، وَبَسَالَةٍ نَادِرَةٍ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ يُقَاتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ طَعْنًا بِالرِّمَاحِ، وَخَرَّ شَهِيدًا -رضي اللَّه عنه-.
* الرَّايَةُ بِيَدِ جَعْفَرَ -رضي اللَّه عنه-:
ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-، وَطَفِقَ (٢) يُقَاتِلُ قِتَالًا لَيْسَ لَهُ مَثِيلٌ، حَتَّى إِذَا أَلْحَمَهُ (٣) القِتَالُ نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ الشَّقْرَاءَ فَعَقَرَهَا (٤)، فَكَانَ أَوَّلَ فَرَسٍ يُعْقَرُ فِي الإِسْلَامِ (٥)، ثُمَّ أَخَذَ يُقَاتِلُ -رضي اللَّه عنه- عَلَى رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
(١) انظر الرحيق المختوم ص ٣٨٩.
(٢) طَفِقَ: جعل. انظر لسان العرب (٨/ ١٧٤).
(٣) يُقال: ألحم الرجل واستلحم: إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا. انظر النهاية (٤/ ٢٠٦).
(٤) أصل العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم. انظر النهاية (٣/ ٢٤٥).
(٥) أخرج عقر جعفر -رضي اللَّه عنه- فرسه: الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٢/ ١٠٧) - وأبو داود =