* نَزْعُ الرَّايَةِ مِنْ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ -رضي اللَّه عنه-:
فَلَمَّا مَرَّتِ الأَنْصَارُ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ صَرَخَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه- وَكَانَتْ رَايَةُ الأَنْصَارِ مَعَهُ-: يَا أَبَا سُفْيَانَ اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ (١)، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ، اليَوْمَ أَذَلَّ اللَّهُ قُرَيْشًا.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِلْعَبَّاسِ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ (٢)، فَلَمَّا حَاذَى (٣) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَا سُفْيَانَ نَادَاهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَرْتَ بِقَتْلِ قَوْمِكَ؟ قَالَ: "لَا"، قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا قَالَ؟ "، قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَذَبَ (٤) سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى (٥) فِيهِ الكَعْبَةُ".
ثُمَّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه- فنَزَعَ الرَّايَةَ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهَا بِيَدِ ابْنِهِ قَيْسٍ (٦).
(١) المَلْحَمة: الحرب والقتال الذي لا مخلص منه. انظر جامع الأصول لابن الأثير (٨/ ٣٦٦).
(٢) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٢٠): الذِّمار: بكسر الذال أي الهلاك.
(٣) يُقال: حاذيت موضعًا: إذا صرت بجانبه. انظر لسان العرب (٣/ ٩٨).
(٤) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٢١): كذب: أي أخطأ.
(٥) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٢١): المراد باليوم الزمان، كما قال يوم الفتح، فأشار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أنه هو الذي يكسوها في ذلك العام، ووقع ذلك.
(٦) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب أين ركز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم =