كَالإِنْفَاقِ وَلَا الجِهَادِ قَبْلَ الفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١).
* بَيْعَةُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ:
فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ بَيْعَةِ الرِّجَالِ، بَايَعَ النِّسَاءَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاءُ قُرَيْشٍ، فِيهِنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ التِي أَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دمَهَا، وَكَانَتْ مُتَنَقِّبَةً مُتَنَكِّرَةً خَوْفًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَعْرِفَهَا، فَلَمَّا دَنَوْنَ مِنْهُ، قَالَ لَهُنَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُبَايِعْنَنِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا؟ ".
فَقَالَتْ هِنْدٌ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَأْخُذُ عَلَيْنَا أَمْرًا مَا تَأْخُذُهُ عَلَى الرِّجَالِ، وَسَنُؤْتيكَهُ.
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَسْرِقْنَ".
فَقَالَتْ هِنْدٌ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُصِيبُ مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ الهَنَةَ (٢) وَالهَنَةَ، وَمَا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ حِلًّا لِي أَمْ لَا؟ .
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ، وَكَانَ شَاهِدًا: أَمَّا مَا أَصَبْتِ فِيمَا مَضَى فَأَنْتِ مِنْهُ فِي حِلٍّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَإِنَّكِ لَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ؟ ".
(١) سورة الحديد آية (١٠) - وانظر كلام الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٤/ ٧١٦).
(٢) الهنة: الحاجة. انظر النهاية (٥/ ٢٤١).