فَلَحِقَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ حَتَّى أَدْرَكَ صَفْوَانَ بِجُدَّةَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ البَحْرَ، فَقَالَ لَهُ: يَا صَفْوَانُ! فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، اللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ أَنْ تُهْلِكَهَا، فَهَذَا أَمَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ جِئْتُكَ بِهِ.
فَقَالَ صَفْوَانٌ: وَيْحَكَ! اغْرُبْ عَنِّي فَلَا تُكَلِّمْنِي.
فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَيْ صَفْوَانُ! فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَفْضَلِ النَّاسِ، وَأَبَرِّ النَّاسِ، وَأَحْلَمِ النَّاسِ، وَخَيْرِ النَّاسِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّكَ عِزُّهُ عِزُّكَ، وَشَرَفُهُ شَرَفُكَ، وَمُلْكُهُ مُلْكُكَ.
فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي أَخَافُهُ عَلَى نَفْسِي.
فَقَالَ عُمَيْر: هُوَ أَحْلَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْرَمُ، فَرَجَعَ صَفْوَانُ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ رِدَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَنَادَاهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ هَذَا عُمَيْرَ بنَ وَهْب جَاءَنِي بِرِدَائِكَ، وَزَعَمَ أَنَّكَ قَدْ أَمَّنْتَنِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَدَقَ انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ".
فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَنْزِلُ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي، وَاجْعَلْنِي فِيهِ بِالْخِيَارِ شَهْرَيْنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلْ أَنْتَ بِالْخِيَارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيكَ".
فنَزَلَ، ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَهُوَ مُشْرِك، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ (١).
= وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٦٦): عمامته.
(١) أخرج قصة إسلام صفوان بن أمية -رضي اللَّه عنه-: =