فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ -رضي اللَّه عنه-: كَذَبْتَ، قَدْ قتَلْتَ قَاتِلَ أَبِي، وَلَكِنَّكَ ثَأَرْتَ بِعَمِّكَ الفَاكِهِ بنِ المُغِيرَةِ.
فَسَبَّ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ -رضي اللَّه عنه-، فشَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ -رضي اللَّه عنه- خَالِدَ بنَ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا خَالِدُ، لِمَ تُؤْذِي رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ".
فَقَالَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَقَعُونَ فِيَّ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُؤْذُوا خَالِدًا، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّه عَلَى الكُفَّارِ" (١).
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَهْلًا يَا خَالِدُ، دَعْ عَنْكَ أَصْحَابِي، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ لَكَ أُحُدٌ ذَهَبًا، ثُمَّ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا أَدْرَكْتَ غَدْوَةَ (٢) رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي وَلَا رَوْحَتَهُ" (٣).
وَفِي رِوَايةٍ أُخْرَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي،
(١) أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مناقب الصحابة - باب ذكر خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠٩١) - والإمام أحمد فِي فضائل الصحابة - رقم الحديث (١٣) - وإسناده صحيح.
(٢) الغَدْوة: هو سير أول النهار. انظر النهاية (٣/ ٣١١).
(٣) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٨٠). والرَّوْحَة: السير بعد الزوال. انظر النهاية (٢/ ٢٤٨).