قَالَ: فَقَالُوا: أَمَّا القَتْلُ أَوِ الجُوعُ، فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَلَكِنِ المَوْتُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَمَاتَ فِي ثَلَاثٍ سَبْعُونَ ألفًا" (١).
* شَجَرَةُ ذَاتُ أَنْوَاطٍ (٢):
وَفِي الطَّرِيقِ إِلَى حُنَيْنٍ رَأَوْا شَجَرَةً خَضْرَاءَ عَظِيمَةً يُقَالُ لَهَا: "ذَاتُ أَنْوَاطٍ"، كَانَتِ العَرَبُ تُعَلِّقُ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، وَيَذْبَحُونَ عِنْدَهَا وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ الطُّلَقَاءَ مِمَّنْ هُمْ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالجَاهِلِيَّةِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُ أَكبَرُ، قُلْتُمْ وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، إِنَّهَا السُّنَنُ (٣)، لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً" (٤).
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ قُلُوبَ هَؤُلَاءَ الطُّلقَاءِ لَمْ تَتَشَرَّبِ الإِسْلَامَ بَعْدُ؛ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِمْ بِالجَاهِلِيَّةِ.
(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩٣٣) - والترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة البروج - رقم الحديث (٣٦٣٣) - وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) ذات أنواط: هو اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم، أي يعلِّقونه بها، ويعكفون حولها. انظر النهاية (٥/ ١١٣).
(٣) السُّنة: الطريقة: أي ستتبعون طريقتهم. انظر النهاية (٢/ ٣٦٨).
(٤) أخرج هذا الحديث أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢١٨٩٧) - وابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب اتباع هذه الأمة سنن من قبلهم من الأمم - رقم الحديث (٦٧٠٢) - وابن إسحاق في السيرة (٤/ ٩٢) - وإسناده صحيح على شرط الشيخين.