فَلَا تَرَانَا إِلَى حَيٍّ نُفَاخِرُهُمْ ... إِلَّا اسْتَفَادُوا فَكَانُوا الرَّأْسَ يُقْتَطَعُ
فَمَنْ يُفَاخِرُنا في ذَاكَ نَعْرِفُهُ ... فَيَرْجِعُ القوْمُ وَالْأَخْبَارُ تُسْتَمَعُ
إِنَّا أَبَيْنَا وَلَا يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ ... إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الفخْرِ نَرْتَفِعُ
* حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ -رضي اللَّه عنه- يَرُدُّ:
وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ غَائِبًا، قَالَ حَسَّانُ جَاءَنِي رَسُولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إِنَّمَا دَعَانِي لِأُجِيبَ شَاعِرَ بَنِي تَمِيمٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَنَا أَقُولُ:
مَنَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ إِذْ حَلَّ وَسْطَنَا ... عَلَى أَنْفِ رَاضٍ مِنْ مَعَدٍّ وَرَاغِمِ
مَنَعْنَاهُ لَمَّا حَلَّ بَيْنَ بُيُوتِنَا ... بِأَسْيَافِنَا مِنْ كُلِّ بَاغٍ وَظَالِمِ
فَلَمَّا وَصَلَ حَسَّانُ -رضي اللَّه عنه- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُمْ يَا حَسَّانُ فَأَجِبْ الرَّجُلَ فِيمَا قَالَ"، فَقَامَ حَسَّانُ فَأَجَابَهُ بِمِثْلِ شِعْرِهِ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ:
إِنَّ الذَّوَائِبَ (١) مِنْ فِهْرٍ (٢) وَإِخْوَتِهُمْ ... قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ
يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الْإِلَهِ وَبِالْأَمْرِ الذِي شَرَعُوا
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمُ ... أَوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ في أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا
سَجِيَّةٌ (٣) تِلْكَ فِيهِمْ غَيْرُ مُحْدَثَةٍ ... إِنَّ الْخَلَائِقَ فَاعْلَمْ شَرُّهَا الْبِدَعُ
(١) الذَّوَائِبُ: الأشْرَافُ. انظر النهاية (٢/ ١٤٠).
(٢) فِهْر: هي قُرَيْش.
(٣) سَجِيَّة: أي طَبِيعِيَّة مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. انظر النهاية (٢/ ٣١١).