مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: بَالَ جَرِيرٌ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ (١).
* خَبَرٌ مُنْكَرٌ:
قُلْتُ: وَقَعَ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ قَوْلُ جَرِيرٍ -رضي اللَّه عنه-: أَسْلَمْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَا أَسْلَمَ جَرِيرٌ إِلَّا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً (٢).
وَهَذَا الْخَبَرُ إِسْنَادُهُ صَحِيح، لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ؛ لِمَا فِي مَتْنِهِ مِنْ نَكَارَةٍ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الْخَبَرَ: وَهَذَا عِنْدَنَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ (٣).
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفتْحِ: اخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِ جَرِيرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي سَنَةَ الْوُفُودِ سَنَةَ تِسْعٍ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-
(١) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الصلاة - باب الصلاة في الخفاف - رقم الحديث (٣٨٧) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين - رقم الحديث (٢٧٢) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٢٤٩٢).
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٦/ ٢٩٩).
(٣) انظر شرح مشكل الآثار (٦/ ٣٠٠).